واللّغوىّ، فزعم أنه لا يرفع هذه الصفة، ولا ينشد إلاّ (١): «ذا التّنزّى»، ولا يعتدّ بإجماع النحويّين واللغويّين، على سماع الرفع فيها عن العرب، فدلّ ذلك على أن هذا العديم الحسّ هو المقصود بالنداء فى قول القائل:
يا أيّها الجاهل ذو التّنزّى
وأما قوله: ولمّا قصدوا تأكيد التنبيه وقدّروا تكرير حرف النداء، كرهوا التكرير، فعوّضوا عن حرف النداء، ثانيا «ها» وثالثا الألف واللام.
فهذا من دعاويه الباطلة؛ لأنه زاعم أن أصل يا أيّها الرجل: يا أىّ يا يا رجل، فعوّضوا من «يا» الثانية «ها»، ومن الثالثة الألف واللام، وليس الأمر على ما قاله وابتدعه من هذا المحال، ولكنّ العرب كرهوا أن يقولوا: يا الرّجل، وما أشبه ذلك، /فيولوا حرف النّداء الألف واللام، فأدخلوا أىّ، فجعلوها وصلة إلى نداء المعارف بالألف واللام، وألزموها حرف التنبيه عوضا لها ممّا منعته من الإضافة.
هذا قول النحويّين، فمن تكلّف غيره بغير دليل فهو مبطل، فلا حاجة بنا إلى أن نقدّر أن الأصل: يا أىّ يا يا رجل، فإنه مع مخالفته لقول الجماعة خلف من القول، يمجّه السمع، وينكره الطبع.
وأمّا قوله فى أمل ويأمل، إنهما لا يجوزان عنده؛ لأنه لم يسمع فى الماضى منهما أمل، خفيف الميم، فليت شعرى ما الذى سمع من اللغة ووعاه حتى أنكر أن يفوته هذا الحرف؟ وإنما ينكر مثل هذا من أنعم النّظر فى كتب اللغة كلّها، ووقف على تركيب «أم ل» فى كتاب العين، للخليل بن أحمد، وكتاب الجمهرة، لأبى بكر بن دريد، والمجمل، لأبى الحسين بن فارس، وديوان الأدب، لأبى إبراهيم الفارابىّ، وكتاب الصّحاح، لأبى نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهرىّ النّيسابورىّ، وغير ذلك
(١) العجب من ابن الشجرى، فقد أجاز فى المجلس الثالث والسبعين، رواية النصب هذه «ذا التنزّي» ووجّهها على استئناف نداء.