للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنّئت الدنيا بأنك خالد

حيث أغار على كل ما ذكره الواحدى فى شرح البيت (١).

التّبريزى-أبو زكريا يحيى بن على

(٥٠٢ هـ‍)

من أبرز شيوخ ابن الشجرى، أخذ عنه اللغة والأدب. وقد تعقبه ابن الشجرى فى مواضع من شرحه لشعر المتنبى:

فقال بعد أن حكى ثلاثة أقوال فى قول المتنبى (٢):

أمط عنك تشبيهى بما وكأنه ... فما أحد فوقى ولا أحد مثلى

والرابع: قول أبى على بن فورجة، قال: هذه «ما» التى تصحب «كأن» إذا قلت: كأنما زيد الأسد، وإليه ذهب أبو زكريا، قال: أراد أمط عنك تشبيهى بأن تقول: كأنه الأسد، وكأنما هو الليث. وهذا القول أردأ الأقوال، وأبعدها من الصواب، لأن المتنبى قد فصل «ما» من «كأن» وقدّمها عليه، وأتى فى مكانها بالهاء، فاتصال «ما» بكأنه غير ممكن، لفظا ولا تقديرا، وهى مع ذلك لا تفيد معنى إذا اتصلت بكأن، فكيف إذا انفصلت منه وقدّمت عليه؟

وقد أخذ ابن الشجرى على شيخه تفسير قول أبى الطيب:

أنت الجواد بلا منّ ولا كدر ... ولا مطال ولا وعد ولا مذل

فقال (٣): سألنى سائل عن المذل، فقلت: قد قيل فيه قولان: أحدهما أن معناه القلق، يقال: مذلت من كلامك، أى قلقت، ومذل فلان على فراشه: إذا قلق فلم يستقر، والقول الآخر: البوح بالسّرّ، يقال: فلان مذل بسرّه، وكذلك هو مذلّ بماله: إذا جاد به.

وذكر أبو زكريا فى تفسير البيت الوجهين فى المذل، ثم قال: والذى أراد


(١) المجلس الثامن والسبعون، وقارن بما فى شرح الواحدى ص ٤٦٦.
(٢) المجلس الثالث والثمانون.
(٣) المجلس الرابع والثمانون، وقد تعقب ابن الشجرى شيخه التبريزى فى موضعين آخرين من هذا المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>