وقد أخذ ابن الشجرى على أبى العلاء تفسيره لقول المتنبى (١):
لم تسم يا هارون إلا بعد ما اق ... ترعت ونازعت اسمك الأسماء
فقال: قال فيه أبو الفتح: أراد لم تسم بهذا الاسم إلا بعد ما تقارعت عليك الأسماء، فكلّ أراد أن يسمّى به، فخرا بك. وقال أبو العلاء: أجود ما يتأول فى هذا أن يكون الاسم هاهنا فى معنى الصيت، كما يقال: فلان قد ظهر اسمه، أى قد ذهب صيته فى الناس، فذكره لا يشاركه فيه أحد، وماله يشترك فيه الناس، فأما أن يكون عنى باسمه هارون، فهذا يحتمله ادعاء الشعراء، وهو مستحيل فى الحقيقة، لأن العالم لا يخلو أن يكون فيهم جماعة يعرفون بهارون.
والذى ذهب إليه أبو الفتح من إرادته اسمه العلم هو الصواب، وقول المعرى إن الاسم هنا يريد به الصيت، ليس بشىء يعول عليه، لأن قول أبى الطيب:«لم تسم» معناه لم يجعل لك اسم، وأما دفع المعرى أن يكون المراد الاسم العلم بقوله:
إن فى الناس جماعة يعرفون بهارون، فقول من لم يتأمل لفظ صدر البيت الذى يلى هذا البيت، وهو قوله:
*فغدوت واسمك فيك غير مشارك*
والمعنى: إن اسمك انفرد بك دون غيره من الأسماء، فمعارضته بأن فى الناس جماعة يعرفون بهارون، إنما يلزم أبا الطيب، لو قال: فغدوت وأنت غير مشارك فى اسمك، فلم يفرق المعرى بين أن يقال: اسمك مشارك فيك، وأن يقال: أنت غير مشارك فى اسمك، وإنما أراد أن اسمك انفرد بك دون الأسماء، ولم يرد أنك انفردت باسمك دون الناس، فاللفظان متضادان كما ترى.
الواحدىّ-على بن أحمد
(٤٦٨ هـ)
الواحدىّ من شراح المتنبى المعدودين، وقد أفاد منه ابن الشجرى فى بعض