للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

الكلام (١) ينقسم فى المعانى عند بعض أصحاب المعانى إلى أربعة أقسام: خبر واستخبار وطلب ودعاء، فالخبر أوسعها، وهو أن يخبر المتكلّم المكلّم بما يفيد معرفته، والاستخبار: أن يطلب المستخبر من المستخبر إخباره بما ليس عنده، فأما الخطاب بلفظة افعل، فلا يخلو أن يكون لمن دونك (٢) أو لنظيرك، أو لمن هو أعلى منك، فإن كان لمن دونك، سمّيته أمرا، وإن كان لنظيرك سمّيته مسألة، وإن كان لمن هو أعلى منك سمّيته طلبا، وإن كان لله سبحانه سمّيته سؤالا ودعاء وطلبا، وإنما اختلفت التسمية، لاختلاف المخاطبين بهذه اللفظة، لأنك تستقبح أن تقول: [أمرت والدى، كما تستقبح أن تقول (٣)]: سألت غلامى.

/والنهى بلفظة: لا تفعل، هو عند قوم بمعنى الأمر، قالوا: لأنك إذا قلت:

نهيته عن كذا، فقد أمرته بغيره، فإذا قلت: لا ترحل، فكأنك قلت: أقم، وإذا قلت: لا تصم، فكأنك قلت: أفطر، وكذلك إذا أمرته بشىء، فكأنك نهيته عن نقيضه، فإذا قلت: ارحل، فكأنك قلت: لا تقم، وإذا قلت: صم، فكأنك قلت: لا تفطر، وهما عند آخرين معنيان، كلّ واحد منهما قائم بنفسه، وإن اشتركا فى بعض المواضع.

وقد أدخل قوم الدعاء الذى هو النّداء، فى باب الأمر، قالوا: لأنك إذا قلت:

يا رجل، فكأنك قلت: تنبّه واسمع، فجعلوا المعانى ثلاثة، وليس قول هؤلاء بشىء، لأنك إذا قلت: يا زيد، لم تقل (٤): أمرته ولا نهيته.


(١) هذا تكرير لما سبق فى المجلس الثالث والثلاثين.
(٢) فى هـ‍: لمن دونك أو لمن فوقك أو لنظيرك.
(٣) ليس فى الأصل، وأثبتّه من هـ‍.
(٤) علّقت عليه فى المجلس المذكور.