للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسلوب ابن الشجرى فى الأمالى]

عمد ابن الشجرى فى سرد القواعد والأحكام إلى أخفّ الألفاظ وأيسرها، ثم غلب عليه أسلوب المعلّمين فى البسط والشرح، وتقليب العبارة، وكثرة التنظير (١)، فإذا جاء إلى موضع أدب، رأيت الفحولة والجزالة، فمن ذلك قوله فى بيت المتنبى:

أى يوم سررتنى بوصال ... لم ترعنى ثلاثة بصدود

قال (٢): «وإنما أذكر من شعره ما أهمله مفسّروه، فأنبّه على معنى أو إعراب أغفلوه، وهذا البيت لبعده من التكلّف وخلّوه من التعسّف، وسرعة انصبابه إلى السمع وتولّجه فى القلب، أهملوا تأمّله فخفى عنهم ما فيه».

ويقول فى الرد على معاصره أبى نزار الملقب ملك النحاة (٣): «ومن خطّأ الأعشى فى لغته التى جبل عليها-وشعره يستشهد به فى كتاب الله تعالى-فقد شهد على نفسه بأنه مدخول العقل، ضارب فى غمرة الجهل، وليس لهذا المتطاول إلى ما يقصر عنه ذرعه شيء يتعلّق به فى تخطئة العرب إلا قول الشاعر:

حراجيج ما تنفكّ إلا مناخة ... على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا

فكلّ فاقرة ينزلها بالعربية يزفّ أمامها هذا البيت، معارضا به أشعار الفحول من العرب العاربة».

وقد وصف أبو البركات الأنبارى شيخه ابن الشجرى، بأنه كان فصيحا حلو الكلام، حسن البيان والإفهام (٤).


(١) لا سبيل إلى التمثيل لما ذكرت، فهو شائع شيوعا على امتداد الأمالى، وبخاصة فى إجراء الإعراب وتقدير الحذوف.
(٢) المجلس الثانى عشر.
(٣) المجلس الثامن والخمسون.
(٤) نزهة الألبا ص ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>