للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سئلت عن قول أبى الطّيّب

وما الخيل إلاّ كالصّديق قليلة ... وإن كثرت فى عين من لا يجرّب (١)

فقلت: هذا البيت مضمّن تشبيه قلّة الخيل بقلّة الصّديق، وإن كانت الخيل فى مرآة العين كثيرة، والأصدقاء كذلك، كثير عددهم، إلاّ أنّهم عند التحصيل والتحقيق قليلون؛ لأنّ الصّديق الذى يركن صديقه إليه، ويعتمد فى الشّدائد عليه قليل جدّا، وكذلك الخيل التى تلحق فرسانها بالطّلبات وتنجيهم من الغمرات قليلة، ومن لم يجرّب الخيل ويعرفها حقّ معرفتها يراها فى الدنيا كثيرة، وكذلك من لم يجرّب الأصدقاء ويختبرهم عند شدّته يراهم كثيرين.

والذى أراد الشاعر أنّ الخيل الأصيلة (٢) المجرّبة قليلة، كما أنّ الصديق الصادق فى مودّته الذى يصلح لصديقه فى شدّته قليل.

... قوله فى قصيدته التى أولها:

فى الخدّ أن عزم الخليط رحيلا

لو كان ما تعطيهم من قبل أن ... تعطيهم لم يعرفوا التّأميلا (٣)

فى معناه وإعرابه إشكال.

وأقول: إنّ خبر «كان» ومفعول «تعطيهم» الثانى محذوفان، وتقدير خبر كان: لهم، وكذلك العائد إلى الموصول من «تعطيهم» الأول محذوف، فالمعنى


(١) ديوانه ١/ ١٨٠.
(٢) فى الأصل، د «الأصلية» بتقديم اللام، وأثبته بتقديم الياء من ط
(٣) ديوانه ٣/ ٢٤٤.