للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل كان ابن الشجرى معتزليّا؟

العلاقة وثيقة بين التشيّع والاعتزال، فقد ذكر كثير من الباحثين قديما وحديثا أن الشيعة وافقوا المعتزلة فى كثير من أصولهم، وذكروا أيضا أن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب-وهو رأس الشيعة والزيدية-قد تلمذ فى الأصول لواصل بن عطاء، رأس المعتزلة، واقتبس منه علم الاعتزال.

ولم يذكر أحد من مترجمى ابن الشجرى أنه معتزلى، لكنك تجد فى «الأمالى» شيئا من مصطلحات المعتزلة وأفكارهم، فمن ذلك استعمال ابن الشجرى تعبير «المنزلة بين المنزلتين»، وهو من مبادئ المعتزلة الخمسة المشهورة، قال فى رده على معاصره ملك النحاة (١): «وقد كان شافهنى هذا المتعدّى طوره بهذا الهراء الذى ابتدعه، والهذاء الذى اختلفه واخترعه، فقلت له: إن ضمة المنادى لها منزلة بين منزلتين، فقال منكرا لذلك: وما معنى المنزلة بين المنزلتين؟ فجهل معنى هذا القول، ولم يحسّ بأن هذا الوصف يتناول أشياء كثيرة من العربية، كهمزة بين بين، التى هى بين الهمزة والألف، أو الهمزة والياء، أو الهمزة والواو، وكألف الإمالة التى هى بين ألف التفخيم والياء، وكالصاد المشربة صوت الزاى، وكالقاف التى بين القاف الخالصة والكاف».

على أن استعمال ابن الشجرى لذلك المصطلح المعتزلى فى هذا السياق يؤذن بأنه استعمال لغوى، بمعنى التوسّط، ليس غير.

وأصرح من ذلك ما ذكره ابن الشجرى فى تأويل قوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا}، قال (٢): «ومعنى أغفلنا قلبه: وجدناه غافلا، كقولك:

لقيت فلانا فأحمدته، أى وجدته محمودا».


(١) الأمالى-المجلس الثامن والخمسون. وانظر هذا المصطلح المعتزلى أيضا فى المجلس العاشر.
(٢) الأمالى-المجلس الثانى والعشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>