للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإخوان، وأراد إذ ذاك كائن، ولا يجوز أن يكون «إذ ذاك» خبر «نحن» لأن ظروف الزمان لا يصحّ الإخبار بها عن الأعيان، فلو قلت: زيد أمس، لم تحصل بذلك فائدة، و «إذ» الأولى ظرف لعهدتهم، وأما الثانية فيعمل فيها الخبر المقدّر الذى هو متألّفون أو متآخون.

وأما قوله: «دون الناس» فيحتمل أن يكون العامل فيه «عهدتهم» ويحتمل أن تعلّقه بالخبر المضمر، كأنك قلت: متألّفون دون الناس، ويجوز أن تعلّقه بمحذوف غير الخبر المقدّر، على أن يكون فى الأصل صفة لإخوان، كأنه قال: عهدتهم إخوانا دون الناس، أى (١) متصافين دون الناس، فلما قدّم على الموصوف صار حالا، وجاز أن تجعله وصفا لعين وحالا منه، لأنه ظرف مكانىّ.

فإن قيل: إلام توجّهت الإشارة بذاك؟ فالجواب: إلى التّجاور الذى دلّ عليه ذكر المنازل.

تعريب قول المتنبى (٢):

كفى ثعلا فخرا بأنك منهم ... ودهر لأن أمسيت من أهله أهل

الكفاية: بلوغ الغاية فى الشىء، فقولهم: كفاك به رجلا، وهو كافيك من رجل: معناه قد بلغ الغاية فى خصال المدح، وفلان كاف: إذا قام بالأمر، وانتهى إلى الغاية فى التدبير، ويكفى ويجزئ ويغنى بمعنى واحد، فهذا يتعدّى إلى مفعول واحد، كقولك: يكفينى درهم، وكفانى قرص: أى أجزأنى وأغنانى عن كلّ (٣) قرص آخر، وعن بعض قرص [آخر (٤)] فأما كفى المتعدّى إلى مفعولين، فى نحو: كفيت


(١) فى هـ‍: أو.
(٢) ديوانه ٣/ ١٩٠، والمغنى ص ١١٣، وشرح أبياته ٢/ ٣٤٥.
(٣) فى الأصل: أكل.
(٤) زيادة من هـ‍.