للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة]

إن قيل: لم حذفوا من الخطّ ألف ملك وصلح وخلد، إذا سمّوا بهنّ، ولم يحذفوا ألف سالم وعامر؟

قيل: لمّا كثرت التسمية بهؤلاء الثلاثة وأمنوا اللّبس فيهنّ، لأنهم لم يسمّوا بملك ولا بصلح ولا بخلد، حذفوا ألفاتهنّ، تخفيفا (١)، لأنهم يعتمدون التخفيف فى الخطّ، كما يعتمدونه فى اللفظ، ولم يحذفوا ألف سالم وعامر، مخافة الالتباس بسلم وعمر، ونظيرهنّ فى ذلك حارث (٢)، حذفوا ألفه، لأنهم لم يسمّوا بحرث.

وقولها: «فى القديم سراة الأديم» سراة الشىء: ظاهره، وجمعها فى البيت بين القديم والأديم، يسمّى فى صناعة الشعر: الترصيع، ومنه قول امرأة (٣) جاهلية فى مرثية:

رفّاع ألوية شهّاد أندية ... سدّاد أوهية فتّاح أسداد

قوّال محكمة نقاّض مبرمة ... فرّاج مبهمة طلاّع أنجاد

قولها: «سدّاد أوهية» الوهى: الشّقّ فى الأديم وغيره، والواهى: المنشقّ، وليس (٤) حقّ فاعل أن يجمع على أفعلة، ولكنها أتبعته الألوية والأندية، كما قالوا: إنى لآتيه بالغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على الغدايا، وإنما أتبعوها العشايا، فإذا


(١) ويجوز فيهنّ إثبات الألف أيضا. قاله ثعلب، وحكاه أبو حيان عن بعض شيوخه. ذكره السيوطىّ فى الهمع ٢/ ٢٤٠. لكنى أنبّه هنا إلى أن ألف «مالك» قد ثبتت فى أصل الأمالى، فى بيت الخنساء.
(٢) فى هذا تفصيل حكاه السيوطىّ، قال فى الكلام على حذف الألف: «وحذفت أيضا من الحارث علما؛ لكثرة الاستعمال، بخلافه صفة، وشرطه أيضا ألاّ يجرّد من الألف واللام، فإن جرّد منها كتبت بالألف، نحو حارث، لئلاّ يلتبس بحرث علما، واللبس مع اللام مفقود؛ لأنها لا تدخل على كلّ علم».
(٣) هى فارعة بنت شدّاد المرّيّة، ترثى أخاها مسعود بن شدّاد. والبيتان من قصيدة تنسب لفارعة، ولعمرو بن مالك النخعىّ، ولأبى الطّمحان القينىّ. حماسة ابن الشجرى ص ٣٠٤، وأمالى القالى ٢/ ٣٢٤، والسّمط ص ٩٧٠، وفيه فضل تخريج. وانظر قواعد الشعر لثعلب ص ٨٨.
(٤) فى هـ‍: وليس فاعل يجمع على أفعلة.