وهو مجلس يوم الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة، سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
سألتنى سدّدك الله وأيّدك، ووفّقك لما يرضيه وأرشدك، أن أذكر لك أبيات أبى الصّلت التى منها:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
وأفسّر منها ما يجب تفسيره، والممدوح بها سيف بن ذى يزن الحميرىّ، وذلك أنه بعد ظفره بالحبشة واستقراره فى دار مملكته، وفدت عليه وفود العرب يهنّئونه بالملك والظّفر، ودخل عليه أبو الصّلت فى وفد ثقيف، وقيل: إن قائل هذه الأبيات أميّة بن أبى الصّلت (١)، فأنشده:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذى يزن ... لجّج فى البحر للأعداء أحوالا
أتى هرقل وقد شالت نعامته ... فلم يجد عنده القول الذى قالا
ثمّ انتحى نحو كسرى بعد سابعة ... من السّنين لقد أبعدت قلقالا
حتّى أتى ببنى الأحرار يقدمهم ... تخالهم فوق سهل الأرض أجبالا
لله درّهم من عصبة صبر ... ما إن رأيت لهم فى الناس أمثالا
(١) ديوان أمية ص ٣٤١ - ٣٥٠ (قسم الشعر المنسوب إلى أمية) وتخريج القصيدة فيه، وانظر أيضا طبقات فحول الشعراء ص ٢٦٠، وحواشيه. ويقع اختلاف فى رواية ألفاظ هذه القصيدة أمسكت عنه لكثرته، وتراه فى حاشية الديوان.