للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس التاسع والسبعون

ذكر معانى «إن» الخفيفة المكسورة

قد تصرّفت العرب فيها، فاستعملتها شرطيّة، ونافية، ومخفّفة من الثقيلة وزائدة مؤكّدة.

فإذا كانت نافية، فسيبويه (١) لا يرى فيها إلاّ رفع الخبر، يقول: إن زيد قائم، كما تقول (٢) فى اللغة التّميميّة: ما زيد قائم، وإنّما حكم سيبويه بالرفع بعدها؛ لأنها حرف (٣) يحدث معنى فى الاسم والفعل، كألف الاستفهام، فوجب لذلك ألاّ يعمل، كما لم يعمل ألف الاستفهام، وكما لم تعمل «ما» النافية فى اللغة التّميميّة، وهو وفاق للقياس، ولمّا خالف بعض العرب القياس فأعملوا «ما» لم يكن لنا أن نتعدّى القياس فى غير «ما».

وغير سيبويه أعمل «إن» على تشبيهها بليس، كما استحسن بعض العرب ذلك فى «ما»، واحتجّ بأنه لا فرق بين «إن» و «ما» فى المعنى؛ إذ هما لنفى ما فى الحال، وتقع بعدهما جملة الابتداء، كما تقع بعد «ليس»، وأنشد:

إن هو مستوليا على أحد ... إلاّ على جزبه الملاعين (٤)


(١) الكتاب ٣/ ١٥٢، والمقتضب ٢/ ٣٦٢، والأزهية ص ٣٢، وابن الشجرى ينقل عنه وإن لم يصرّح، وقد نبّهت على ذلك مرارا كثيرة. والخزانة ٤/ ١٦٧، حكاية عن ابن الشجرى.
(٢) فى د: يقول.
(٣) فى المقتضب والأزهية: «حرف نفى». وفى الخزانة: «حرف جحد».
(٤) غير معروف القائل، على شهرته وكثرة دورانه فى الكتب. وانظره فى الأزهية ص ٣٣، ورصف المبانى ص ١٩٠، والمقرب ١/ ١٠٥، وأوضح المسالك ١/ ٢٩١، وارتشاف الضرب ٢/ ١٠٩، والبحر ١/ ٢٧٦، والهمع ١/ ١٢٥، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى شفاء العليل ص ١٩٣، والخزانة ٤/ ١٦٦.