للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو العلاء المعرّىّ: يقول: إذا طار ذو الجناح أمامه فليس بناج؛ لأنّ الرّماة كثيرة فى الجيش، وإن ثار وحش أدركوه فأخذوه.

وقول أبى العلاء إن ذا الجناح تصيبه الرّماة أوجه؛ لأن الشاعر أراد تفخيم الجيش وتعظيمه فلا يفوته طائر ولا وحشىّ. ثم قال:

تمرّ عليه الشمس وهى ضعيفة ... تطالعه من بين ريش القشاعم (١)

أراد أن الجيش ارتفع غباره، فالشمس تصل إليه ضعيفة داخلة بين ريش الطير التى تتبعه لتصيب من لحوم القتلى. ثم قال:

إذا ضوؤها لاقى من الطير فرجة ... تدوّر فوق البيض مثل الدراهم (٢)

وذكر أبو نصر بن نباتة الطير، فزاد زيادة أبدع فيها، فقال (٣):

ويوماك يوم للعفاة مذلّل ... ويوم إلى الأعداء منك عصبصب

إذا حوّمت فوق الرّماح نسوره ... أطار إليها الضّرب ما تترقّب

وقال:

وإنّك لا تنفكّ تحت عجاجة ... تقطّع فيها المشرفيّة بالطّلا

إذا يئست عقبانها من خصيلة ... رفعت إليها الدّارعين على القنا

الخصيلة: كلّ لحمة فيها عصب. والطّلا: الأعناق.

وقول أبى تمام:

إذا ظلّلت عقبان أعلامه

يقال للراية: عقاب، وتجمع عقبانا.

... آخر المجلس


(١) ديوانه ٤/ ١١٤.
(٢) الموضع المذكور من الديوان. وجاء فى الأصل: «لاقى من الليل»، وأثبتّ ما فى ط، د، والديوان.
(٣) يمدح الحسن بن محمد المهلبىّ. مختارات البارودى ٢/ ١٧١.