للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن شئت قلت: إن الاسم المشتقّ فرع على الجامد [لأن المشتقّ مأخوذ من الفعل، والأفعال فروع على الأسماء، لأنها مأخوذة من مصادرها، والأسماء الجوامد من نحو: رجل وحمار وفرس وزيد وجعفر، لا تعمل النصب؛ لعدم شبهها بالفعل، فهى مقصورة فى العمل على الجرّ، بحكم نيابتها عن حرفه، وإذا ثبت بما ذكرته أن المشتقّ الذى هو اسم الفاعل ونحوه فرع على الجامد (١)] والجامد لا يعمل إلا الجرّ، والجرّ يحدث عن الإضافة، وكان اسم الفاعل يعمل فى الأسماء الظاهرة، جرّا ونصبا، ألحقه اتصاله بالضمير بالأصول التى هى الجوامد، وذلك لأنّ الضمير قد ثبت أنه/فرع على المظهر، فلم يجمعوا بين فرعين، عمل النصب والضّمير، ويدلّك على أن الضمير يردّ ما اتصل به إلى أصله أنك تقول: أعطيتكمو درهما، وإن شئت قلت: أعطيتكم، فحذفت الواو، وإثباتها هو الأصل، فإذا قلت: الدرهم أعطيتكموه، ردّه اتصاله بالضّمير إلى أصله، ولم يجز غير ذلك، كما جاء فى التنزيل: {أَنُلْزِمُكُمُوها} (٢) وكذلك أكرمتموا هندا، وأكرمتم، بإثبات الواو وحذفها، فإن قلت: هند أكرمتموها، أثبتّ الواو لا غير، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها} (٣).

تعريب بيت للأخطل (٤):

كانت منازل ألاّف عهدتهم ... إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخوانا

خبر المبتدأين اللذين هما «نحن وذاك» محذوفان، أراد: عهدتهم إخوانا إذ نحن متألّفون (٥) أو متآخون، يدلّ على التقدير الأول ذكر الألاّف، وعلى الثانى ذكر


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍، وهو سقط كبير كما ترى.
(٢) سورة هود ٢٨.
(٣) سورة الزخرف ٧٢.
(٤) ليس فى ديوانه المطبوع، وقد سبق إلى نسبته إليه أبو علىّ فى كتاب الشعر ص ٢٨٤، وانظر مزيد تخريج فى حواشيه.
(٥) هكذا جاء مضبوطا فى الأصل بتشديد اللام المكسورة، وكذلك فى أصول كتاب الشعر.