للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس الخامس والسبعون

ذكر معانى «أو» ومواضعها

«أو» مع لزومها للعطف تدلّ على معان مختلفة، وإنما قلت مع لزومها للعطف؛ لأنّ الواو تدلّ على معان مختلفة إذا فارقت العطف، نحو كونها للحال، وكونها للقسم، وكونها بمعنى «مع» فى نحو: «استوى الماء والخشبة».

فمن معانى «أو» كونها للشّكّ فى نحو: جاءنى زيد أو عمرو، يجوز أن يكون المتكلّم بهذا شاكّا، ويجوز أن يكون قاصدا بذلك تشكيك مخاطبه.

والثانى: أن تكون للتّخيير بين الشيئين، وقصد أحدهما دون الآخر، كقولك: كل سمكا أو اشرب لبنا، أمرته بأن لا يجمعهما، بل يختار أحدهما، وكقولك: تزوّج هندا أو بنتها، خيّرته فيهما، ولا يجوز أن يجمعهما، ومنه فى التنزيل قوله تعالى: {إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (١) ومثله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٢) أنت مخيّر فى جميع هذا، أيّ ذلك فعلت أجزأك.

والثالث: أن تكون للإباحة، كقولك: تعلّم الفقه أو النّحو، وجالس الحسن/أو ابن سيرين، واصحب الفقهاء أو النحويّين، أى هذا مباح لك، تفعل


(١) سورة المائدة ٨٩. وجاء فى النّسخ الثلاث من الأمالى: «فإطعام» بإقحام الفاء، خطأ. وجاء على الصواب فى الأزهية ص ١١٥، وسياق ابن الشجرى متفق مع سياقه، ولست أشك أن ابن الشجرى ينقل عنه، وسبقت دلائل كثيرة.
(٢) سورة البقرة ١٩٦.