للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ما شئت على الانفراد والاجتماع، وكذلك إذا نهيته كانت «أو» حظرا للجميع، كما كان فى الأمر إطلاقا، تقول: لا تجالس مغتابا أو كذّابا، ومنه فى التنزيل: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} (١).

والفرق بين التّخيير والإباحة: أنك إذا قلت: جالس فقيها أو نحويّا، فجالسهما أو جالس أحدهما، لم يكن عاصيا، وإذا قلت له: كل سمكا أو اشرب لبنا، فجمعهما، كان عاصيا، وكذلك إذا خيّرته فى مالك، فقلت: خذ ثوبا أو دينارا، فأخذهما. فقد فعل محظورا، كما لو جمع بين هند وبنتها فى التزوّج كان مرتكبا محرّما.

ولا يجوز أن تقع «أو» مع الأفعال التى تقتضى فاعلين أو أكثر، وكذلك الأسماء التى تقتضى اثنين فما زاد، لا يجوز: تخاصم زيد أو عمرو، ولا: جلست بين زيد أو عمرو، وكذلك لا تقول: سيّان زيد أو بكر، فأمّا قول الشاعر:

فكان سيّان أن لا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح (٢)

فقال أبو علي: «إنّما أنّسه (٣) بذلك أنك تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، فيستقيم له أن يجالسهما جميعا».

السّىّ: المثل.

والسّوح: جمع ساحة، ومثله ناقة ونوق، ولابة ولوب، واللاّبة: الحرّة، وهى أرض ذات حجارة سود.


(١) سورة الإنسان (الدهر) ٢٤.
(٢) فرغت منه فى المجلس التاسع.
(٣) الإيضاح ص ٢٨٥، وفيه: «إنما يشبه بذلك» تحريف. وجاء على الصواب فى شرح الإيضاح، المسمّى المقتصد ص ٩٣٩.