للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس السادس والسبعون

الكلام فى قول الله عز وجل: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا} (١)

يتوجّه فى قوله {لَكَ} سؤال، فيقال: لو قيل: ألم نشرح صدرك، كان الكلام مكتفيا، ومثله: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} فلأىّ معنى ذكر {لَكَ}؟

والجواب عن هذا السؤال: أن اللام فى {لَكَ} لام العلّة التى تدخل على المفعول من أجله، فى نحو قولك: فعلت ذاك لإكرامك، فإن حذفتها قلت: فعلته إكرامك، كما قال:

متى تفخر ببيتك فى معدّ ... يقل تصديقك العلماء جير (٢)

الأصل: لتصديقك، فلما حذف اللام نصب، فإن حذفت المصدر رددت اللام فقلت: فعلت ذاك لك، ومثله: جئت لمحبّة زيد، ومحبّة زيد، ولزيد، ومنه قول عمر بن أبى ربيعة (٣):

وقمير بدا ابن خمس وعش‍ ... رين له قالت الفتاتان قوما

أراد: لأجله قالت الفتاتان: قوما.

وإذا عرفت هذا فالمعنى: ألم نشرح لهداك (٤) صدرك؟ كما قال تعالى: {فَمَنْ}


(١) أول سورة الشرح.
(٢) تقدّم فى المجلس الرابع والأربعين.
(٣) ديوانه ص ٢٣٤، ونوادر أبى زيد ص ٥٣٦. والألف التى فى «قوما» ليست ألف التثنية، وإنما هى الألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة. وراجع المجلس الخامس والأربعين.
(٤) راجع المجلس الحادى والثلاثين.