للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس السابع والأربعون

يتضمّن ذكر حذف الهمزة الأصليّة والزائدة

وأقول: ممّا كثر حذفه من الحروف الهمزة، وجاء ذلك فى الاسم والفعل، فحذفوها فاء وعينا ولاما، وزائدة.

فمن حذفها فاء: حذفها من أناس، قالوا فيه: ناس، ووزنه من الفعل عال، وذهب الكسائىّ إلى أن وزنه: فعل مثل باب، وكان أصله فعل: نوس، واستدلّ على هذا بأنّ تحقيره نويس، كبويب، وأنه لو كان أصله فعال، لقيل فى تحقيره: أنيس، كما يقال فى تحقير غراب: غريب.

والصحيح ما ذهب إليه جماعة البصريّين، ووافقهم فيه الفرّاء، لقول العرب:

أناس، وإنما كثر حذف فائه إذا دخل عليه الألف واللام، فلا يكادون يقولون الأناس إلاّ فى ضرورة الشعر كقوله:

إنّ المنايا يطّلع‍ ... ن على الأناس الآمنينا (١)

/وإنما قالوا فى تحقيره: نويس، فلم يردّوا فاءه، لأن ردّ المحذوف إنما يلزم فى التحقير للحاجة إليه، كقولك فى تحقير عدة وزنة: وعيدة ووزينة، وفى سه:

ستيهة، وفى أب وأخ: أبىّ وأخىّ، ألا ترى أنك لو لم تردّ المحذوف من عدة، أوقعت ياء التحقير ثالثة بعد الدال، وحرّكتها بالفتح، لوقوع تاء التأنيث بعدها، فصارت الكلمة إلى عدية، بزنة فعلة، كرطبة، وحقيقة زنتها: عليّة، لأن وزن


(١) سبق تخريجه فى المجلس التاسع عشر. وانظر أيضا شرح الملوكى ص ٣٦٣.