للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحة، فصارت الياء ألفا، لانفتاح ما قبلها، وكونها فى موضع حركة، فصار الدّناء، فى [تقدير (١)] الدّناعا، وإذا كانوا قد قالوا فى الصّحارى والمدارى: صحارا ومدارا، كان التغيير فى ذوات الهمز أوجب، ولمّا آل فى التقدير إلى الدّناء، استثقلوا الجمع بين ثلاثة أمثال، الألفين والهمزة بينهما، فأبدلوا منها الياء.

فأمّا معنى البيت، فالمراد بالاستفهام النّفى، كأنه قال: لست تحذر عاقبة فعل، إلا أن يكون دنيئة، أو شيئا محرّما، فإنك تتهيّب هذين، فتعفّ عن فعلهما، خوفا من عاقبتهما، فعاقبة الدّنيئة العار، وعاقبة الحرام النار، ولا تحذر العاقبة فى غير هذين، كبذل الأموال وعاقبته الفقر، والإقدام على الأهوال، وعاقبته القتل.

وممّا اختلف فيه قوله (٢):

وإنّ الّذى حابى جديلة طيّىء ... به الله يعطى من يشاء ويمنع

ذهب أبو الفتح إلى أن «حابى» بمعنى حبا، مأخوذ من الحباء، وهو العطيّة، واسم الله تعالى مرتفع به، أى إن الذى حبا الله به جديلة يعطى، فالجملة التى هى «يعطى» وفاعله خبر اسم إنّ.

وخولف أبو الفتح فى هذا القول، على أنّ عليه أكثر مفسّرى شعر المتنبى، والذى قاله الرادّ (٣) على أبى الفتح أنّ معنى حابى: بارى، من/قولهم: حابيت فلانا، أى باريته فى الحباء، مثل باهيته فى العطاء، كما يقال: كارمته، أى باريته فى الكرم، قال: وليس بمعروف أنّ معنى حابيته بكذا: حبوته به.


(١) ساقط من هـ‍.
(٢) ديوانه ٢/ ٢٣٩، بالشرح المنسوب إلى العكبرى.
(٣) لأبى الحسن الواحدىّ كلام فى الردّ على ابن جنى، متفق مع ما أورده ابن الشجرى. راجع شرحه للديوان ص ٤٤، ثم انظر أيضا الفتح على أبى الفتح ص ١٧٢.