للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا «ما» الثانية فهى موصولة بمعنى الذى، أو موصوفة بمعنى شيء، وقد حذف المبتدأ من الصّلة أو الصّفة، وموضع «ما» خفض بالعطف على «الدّنايا» كأنه قال: أو الذى هو عليك حرام، وإن شئت قدّرت: أو شيء هو عليك حرام، وإنما حسن حذف المبتدأ من الصّلة، لطول الكلام بعليك، كما روى الخليل عن العرب: «ما أنا بالذى قائل لك [شيئا (١)]» ومثله فى التنزيل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ} (٢) التقدير: وهو الذى هو فى السماء إله، وحسن حذف «هو» لتقدّم ذكره، ولطول الكلام بفى ومجرورها، وهما فضلة متعلّقة بإله، كأنه قيل: الذى [هو (٣)] معبود فى السماء.

فإن قيل: فهلاّ رفع «إله» بالابتداء، وقوله: «فى السماء» خبره، وكانت الجملة صلة «الذى» واستغنى بذلك عن تقدير «هو»؟

فالجواب: أن ذلك يمتنع، من حيث كانت الجملة تخلو حينئذ من عائد إلى «الذى» ظاهر ومقدّر، لأنه إذا ارتفع «إله» بالابتداء، كان المضمر فى الظرف عائدا على المبتدأ، وتعرّت الجملة من ضمير يعود على الموصول لفظا وتقديرا، وذلك ممّا لا يجوز مثله.

والدّنايا: جمع دنيئة، مهموزة، وأصله الدّنائئ، بهمزتين، الأولى منقلبة عن الياء التى فى دنيئة (٤)، والثانية لام الكلمة، وهى الظاهرة فى الواحد، وتقديره: الدّناعع، فثقل الجمع بين الهمزتين المتحركتين، فأبدل من الثانية للكسرة قبلها ياء، فصار الدّنائى، فى تقدير: الدّناعى، ثم طلبوا التخفيف بتغيير آخر، فأبدلوا من الكسرة


(١) ساقط من هـ‍. وسبق تخريجه فى المجلس الحادى عشر.
(٢) سورة الزخرف ٨٤.
(٣) سقط من هـ‍.
(٤) راجع هذه المسألة فى الكتاب ٤/ ٣٧٧، والمقتضب ١/ ١٣٩، والمنصف ٢/ ٥٤ - ٦٢، وشرح الشافية ٣/ ٥٩ - ٦٢، واللسان (خطأ).