للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/وأقول: إن الذى أراده المتنبي غير ما قالاه، أمّا قول أبى الفتح: لا تعط الناس أشعارى فيفسدوها بسلخ معانيها، فليس بشىء، لأمرين: أحدهما أنه (١) لا يمكنه ستر مدائحه له عن الناس، والآخر: أنّ المراد بالمديح أن يسير فى الناس، وأجود الشعر ما تداولته الألسن، وتناقلته الرّواة.

وأمّا قول المعرّى فهو معنى قريب، وإن كان أبو الطيب لم يرده، وإنما أراد:

لا تحوجنى (٢) إلى مدح غيرك، وحكى أبو زكريّا، قوليهما فقط.

قوله (٣):

لم لا تحذر العواقب فى غي‍ ... ر الدّنايا أو ما عليك حرام

أصل لم: لما، وسقطت ألف «ما» حين وليتها اللام الجارّة، لأنها استفهاميّة [ومن لغتهم العليا إسقاط ألف «ما» إذا كانت استفهاما ووليها الجارّ، وذلك للفرق بين الاستفهامية والخبرية فمثال الاستفهامية (٤)] فى التنزيل: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} (٥) ومثال الخبريّة: {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} (٦).

واللام فى «لم» متعلّقة بتحذر، ولزم اللام التقديم، لاتّصالها بالاستفهام، ومن شأن الاستفهام التصدّر.


(١) ما ذكره ابن الشجرى فى ردّ تفسير ابن جنى مسلوخ من كلام الواحدىّ. انظر شرحه على الديوان ص ٥٤٠.
(٢) وهذا أيضا من كلام الواحدىّ.
(٣) ديوانه ٤/ ١٠٠.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍. وقد تكلم ابن الشجرى كلاما مبسوطا حول «ما» فى المجلس الثامن والستين.
(٥) أول سورة النبأ.
(٦) سورة هود ١٢٣، وغير ذلك من الكتاب العزيز. وجاء فى هـ‍: (يعملون) بالياء التحتية، وهى فى الآية ١٣٢ من سورة الأنعام.