للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ابن الشجرى ومدرسة الكوفة]

لابن الشجرى كلمة عن أهل الكوفة، تعكس موقفه منهم وحكمه عليهم، وذلك قوله تعقيبا على رأى الكسائى، فى إعراب قول الشاعر:

أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضن باللّبن

قال ابن الشجرى بعد مناقشة إعراب الكسائى (١): ولنحاة الكوفة فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة.

ثم يمضى ابن الشجرى-على امتداد الأمالى-يردّ على الكوفيين ويستبعد أقوالهم، وقد مرّ بك موقفه من الكسائى-رأس مدرسة الكوفة-فى المسألة الزنبورية، ونصره لمذهب سيبويه، ثم موقفه من الخلاف بين البصريين والكوفيين، فى فعلية «نعم وبئس» و «أفعل التعجب»، ومن ذلك أيضا تضعيفه لرأيهم فى اشتقاق الاسم (٢). وردّه عليهم فى إعراب فعل الأمر للمخاطب، قال (٣): «وزعم الكوفيون أن فعل الأمر للمواجه مجزوم بتقدير اللام الأمرية، وهو قول مناف للقياس، وذلك أن الجزم فى الفعل نظير الجر فى الاسم، فحرف الجرّ أقوى من حرف الجزم، كما أن الاسم أقوى من الفعل، وحرف الجر لا يسوغ إعماله مقدّرا إلا على سبيل الشذوذ، وإذا امتنع هذا فى القوىّ، فامتناعه فى الضعيف أجدر». ثم استبعد أقوال الكوفيين فى مواضع أخرى من الأمالى (٤).

على أن موقف ابن الشجرى هذا من الكوفيين، لم يمنعه من الأخذ عنهم، والميل إلى آرائهم، وقد تقدمت حكايته أقوال الكسائى والفراء، بل إنه قوّى رأى الكسائى فى بعض الأحيان، وتأثّر أبا زكريا الفراء فى أشياء كثيرة، وقد تحدثت عن ذلك من قبل. ثم حكى رأى ثعلب فى الفرق بين قام زيد وعمرو معا، وقام زيد


(١) المجلس السادس.
(٢) المجلس الثالث والخمسون.
(٣) المجلس السابع والخمسون.
(٤) تراها فى المجالس: الثامن والستين، والرابع والسبعين، والتاسع والسبعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>