للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى غير مفتقر إلى قوله: «لنا بيننا»، الملهوج من الشّواء: الذى فيه نيوءة.

فأما موضع قوله: «لها» فإنه وصف فى المعنى لسبلا، فالأصل: سبلا كائنة لها، فلما قدّمه صار حالا من سبل، ومثله قوله: «إلى أرواحنا» الأصل: سبلا مسلوكة إلى أرواحنا، فلما قدّم بطلت الوصفية فيه، وحكم بأنه حال.

[مسألة]

إن قيل: إنّ العادة جرت بأن يقال: ما وجدت إليه سبيلا، ولا يقال:

ما وجدت إليه سبلا، فما معنى الجمع هاهنا؟

فالجواب: إنّ ذكر الجمع هاهنا أصحّ فى المعنى، لأنّ فراق المحبوب للمحبّ يوجد للمنيّة سبلا إلى روحه، مباينة للسّبيل الذى جرت عادة المنيّة به، وذلك أن فراقه له إنما يكون فى الأغلب مع الهجر، فالمنيّة تدرك روحه، من طريق العشق، وطريق الفراق، وطريق الشوق، وطريق الهجر، فقد سلكت إلى روحه سبلا شتّى، فلذلك استعمل الجمع.

ومنها قوله (١):

بما بجفنيك من سحر صلى دنفا ... يهوى الحياة وأمّا إن صددت فلا

الدّنف: المرض الملازم، ويقال للمريض: دنف ودنف، بالكسر والفتح، فإن فتحت لم تثنّ ولم تجمع ولم تؤنّث، لأنه مصدر موصوف به الشخص، كما قالوا:

رجل كرم [ورجلان كرم (٢)] ورجال كرم، وكذلك المؤنّث وتثنيته وجمعه.


(١) ديوانه ٣/ ١٦٣.
(٢) ساقط من هـ‍.