للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

قال سيبويه (١) بعد أن ذكر «أمّا»: ومثل ذلك قولهم: افعل ذا إمّالا، كأنه قال: افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، ولكنهم حذفوا «ذا» لكثرة استعمالهم إيّاه.

انتهى كلامه.

وأقول: إنّ قولهم: أما أنت منطلقا انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه، حذفوا منه «كان» وحدها، وأبقوا اسمها وخبرها، وقولهم: إمّالا، حذفوا فيه كان واسمها وخبرها، على أنّ خبرها جملة، و «إمّا» هى إن الشرطية، مدغمة نونها فى ميم «ما»، وإنما ألزموها «ما» عوضا من كان واسمها وخبرها، وجعلوا «لا» النافية منتهى الكلام، وأهل الإمالة يميلون ألفها، لقوّتها من حيث سدّت مسدّ الفعل وفاعله ومفعوله، أعنى الجملة التى هى خبر كان، كما استجازوا إمالة «بلى» لأنها سدّت مسدّ جواب التقرير، فى نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} (٢) وكما استحسنوا إمالة حرف النداء، لنيابته عن أدعو.

ولا يستعملون «إمّا لا» إلاّ بعد كلام دائر بين متكالمين، وسأل أحدهما الآخر أن يفعل شيئا سأله أن يفعله فأبى، فقال له السائل: إن كنت لا تفعل كذا فافعل كذا، وتمثيل ذلك أن يكون سأله الإقامة عنده ثلاثة أيام، فامتنع من ذلك /واعتذر بعذر ما، فقال: إمّا لا فأقم عندى يومين، أى إن كنت لا تقيم ثلاثة أيام فأقم يومين.


(١) الكتاب ١/ ٢٩٤، وانظر أيضا ٢/ ١٢٩، والمقتضب ٢/ ١٥١، والأصول ٢/ ٢٥٤، والبغداديات ص ٣٠٩، والنكت على الكتاب ص ٣٥٧، والإنصاف ص ٧٢، وشرح المفصل ١/ ٩٥، والمغنى ص ٣١٢،٦١٠،٦٤٩، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: السادس والستين، والثامن والستين.
(٢) سورة الأعراف ١٧٢.