للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه جملة ما علقت به من سقطات هذا الكتاب، على أنّنى لم أبالغ فى تتبّعها، وإنما ذكرت هذه الرّدود على هذه الأغاليط؛ لئلاّ يغترّ بها مقصّر فى هذا العلم فيعوّل عليها ويعمل بها. والله ولىّ التوفيق للصلاح فى كلّ ما أنويه وأعتمده، بمنّه وطوله.

ممّا دقّق فيه أبو الطّيب

قوله

لا يستكنّ الرّعب بين ضلوعه ... يوما ولا الإحسان أن لا يحسنا (١)

وأقول: إن الإحسان فى اللغة على معنيين: الأوّل نظير الإنعام، ونقيض الإساءة، ويتعدّى فعله بحرف خفض، إمّا «إلى» أو «الباء»، تقول: أحسنت إليه، كما جاء: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} (٢)، وإن شئت: أحسنت به، كما جاء: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} (٣)، وكذلك نقيضه، تقول:

أسأت إليه، وأسأت به. قال كثيّر:

أسيئي بنا أو أحسنى لا ملومة ... لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (٤)

والثانى: أن يكون الإحسان بمعنى إجادة العمل، يقال: هو يحسن كذا:

إذا كان عارفا به، حاذقا له، وفعله يتعدّى بنفسه كما ترى، ومنه فى التنزيل: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (٥)، وقال امرؤ القيس:


(١) ديوانه ٤/ ٢٠٠، يمدح بدر بن عمّار.
(٢) سورة القصص ٧٧.
(٣) سورة يوسف ١٠٠.
(٤) فرغت منه فى المجلس الثامن.
(٥) سورة الكهف ١٠٤، وقد ضبطت السّين من يَحْسَبُونَ بالكسر فى الأصل، د. وهى قراءة غير ابن عامر وعاصم وحمزة وأبى جعفر، من القراء. الإتحاف ٢/ ٢٢٨.