للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد زعمت بسباسة اليوم أنّنى ... كبرت وأن لا يحسن السّرّ أمثالى (١)

وقال الراجز (٢):

قد قارعت معن قراعا صلبا ... قراع قوم يحسنون الضّربا

فقول أبى الطّيّب: «أن لا يحسنا» معمول الإحسان، فكأنه قال:

ولا يستكنّ بين ضلوعه أن يحسن أن لا ينعم، ومثله قول الآخر:

يحسن أن يحسن حتى إذا ... رام سوى الإحسان لم يحسن (٣)

المعنى: يجيد أن ينعم حتّى إذا ما رام سوى الإنعام لم يجد ما رامه.

ومن قيله:

منى كنّ لى أنّ البياض خضاب ... فيخفى بتبييض القرون شباب (٤)

ليالى عند البيض فوداى فتنة ... وفخر وذاك الفخر عندى عاب

منى: مبتدأ وإن كان نكرة، وقد يفيد الابتداء بالنكرة إذا أخبرت عنها بجملة تتضمّن اسما معرفة، كقولك: امرأة خاطبتنى، وكذلك إن أخبرت بظرف مضاف إلى معرفة، كقولك: رجل خلفك، قال الهذيل بن مجاشع:

ونار القرى فوق اليفاع ونارهم ... مخبّأة، بتّ عليها وبرنس (٥)

البتّ: الكساء الغليظ، وإنما ضعف الابتداء بالنكرة؛ لأن النفس تتنبّه بالمعرفة على طلب الفائدة، وإذا كان المخبر عنه مجهولا كان المخبر حقيقا باطّراح الإصغاء إلى


(١) فرغت منه فى المجلس الخامس والأربعين.
(٢) هو عبد الرحمن المعنىّ، ولقبه مرقس، شاعر إسلامى. ورجزه فى الحماسة ١/ ٣٠٧، وشرحها للمرزوقى ص ٦٠٣.
(٣) البيت من غير نسبة فى شرح الواحدى ص ٢٣٥، وشرح مشكل شعر المتنبى ص ١١٠.
(٤) ديوانه ١/ ١٨٨،١٨٩، وذكر شارحه كلام ابن الشجرى كلّه دون غزو.
(٥) من أبيات يهجو فيها الطّرمّاح بن حكيم، أوردها ابن الشجرى فى حماسته ص ٤٢٤،٤٢٥.