للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما كان بلفظ الاستفهام يكون استفهاما حقيقيّا، على ما بيّنته (١) لك، ولو كان العرض استفهاما، ما كان المخاطب به مكرما، ولا أوجب لقائله على المقول له شكرا.

فصل يتضمّن القول فى الأمر

وأقول: حدّ الأمر: استدعاء الفعل بصيغة مخصوصة مع علوّ الرّتبة، وقد استحقّ هذا الاسم باجتماع هذه الثلاثة، فأما علوّ الرتبة، فإنّ أصحاب المعانى قالوا: الأمر لمن دونك، والطّلب والمسألة لمن فوقك، كقولك للخليفة: أجرنى، وسمّوا هذه الصيغة إذا وجّهت إلى الله تعالى: دعاء، لأنّ الدعاء الذى هو النداء يصحبها، كقولك: اللهمّ اغفر لى، ويا ربّ ارحمنى، وإذا كانت لمن فوقك من الآدميين سمّوها سؤالا وطلبا، فهى بهذين الاسمين إذا وجّهت إلى الله سبحانه أولى.

وقد قدّمنا أن للأمر صيغتين، إحداهما للمواجه، وهى افعل، والأخرى للغائب، وهى ليفعل، فمثال الأمر الواجب: {كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ} (٢) - {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (٣) - {اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (٤) - {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (٥) {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٦) - {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٧).

وقد وردت هذه الصيغة والمراد بها النّدب والاستحباب، والنّدب: كلّ ما فى فعله


(١) فى المجلس السابق.
(٢) الآية الثامنة من سورة المائدة.
(٣) سورة التوبة ٢٩.
(٤) سورة البقرة ٢١.
(٥) سورة الإسراء ٧٨.
(٦) سورة البقرة ١٨٥.
(٧) سورة الحج ٢٩.