للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

تقول: إنّ زيدا قريب منك، إذا جعلت القريب زيدا، فإن نصبت «قريبا» جعلته ظرفا، وقدّرت موصوفا محذوفا، فأردت: إنّ زيدا مكانا قريبا منك.

قال سيبويه (١): «وتقول: إن قريبا منك زيدا، إذا جعلت قريبا منك موضعا (٢)، وإذا جعلت الأول هو الآخر، قلت: إن قريبا منك زيد. وتقول: إنّ بعيدا منك زيد». أراد أنك تنصب قريبا منك بأنّ، وزيد خبرها، وكذلك: إنّ بعيدا منك زيد.

ثم قال: «والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك، أو بعيد منك؛ لأنه اجتمع معرفة ونكرة». انتهى كلامه.

وأقول: إنه أجاز قولك: إنّ قريبا منك زيد، على أنك جعلت قريبا هو زيدا /واستضعفه؛ لأنك جعلت اسم إنّ نكرة، وخبرها معرفة، فلهذا قال: والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك، وإنما استجاز إن قريبا منك زيد، لاتصال «منك» بقريب، فقد حصل له باتّصال «منك» به شيء من التخصيص، فقرب بذلك من المعرفة.

قال: «وإن شئت قلت: إنّ بعيدا منك زيدا، وقلّما يكون «بعيدا منك» ظرفا، وإنما قلّ هذا؛ لأنك لا تقول: إنّ بعدك زيدا، وتقول: إنّ قربك زيدا، فالدّنوّ أشدّ تمكّنا فى الظّرف من البعد» (٣). انتهى كلامه.


(١) الكتاب ٢/ ١٤٢.
(٢) فى الكتاب: موضعه.
(٣) الكتاب ٢/ ١٤٣.