للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة]

سئلت عن {تَرَيِنَّ} فى قول الله سبحانه: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} (١) وذكر/السائل لى أنّ الواعظ المعروف بالشّعرىّ، امتحن الناس بهذه اللفظة على الكرسىّ، فقال: ما المحذوف منها؟ وما وزنها؟ فرأيت أن أقدّم أسّا يبنى الكلام فيها عليه.

فأول ذلك أن العرب بنت الفعل مع النون المؤكّدة على الفتح، لأنّ الفعل فى الأصل ثقيل، وزاده اتصاله بهذه النون ثقلا، فاستحق البناء كما استحقّته الأسماء المركّبة، وخصّوه بالفتحة لخفّتها، كما بنوا عليها خمسة عشر (٢)، وبعلبكّ، وهو جارى بيت بيت، ولا رجل فى الدار، فقالوا: لتخرجنّ، وهل ينطلقنّ؟ كما قال:

هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا ... والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا (٣)

وكما جاء فى التنزيل: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصّاغِرِينَ} (٤) وكذلك الفعل المعتلّ كقولك: هل تدعونّ، ولا ترمينّ، فإن كان الفعل لجماعة ذكور، أو واحدة


(١) سورة مريم ٢٦، وانظر الحلبيات ص ٨٧، وشرح الحماسة ص ١٥٦٥. والمشكل لمكّىّ ٢/ ٥٣.
(٢) راجع المقتضب ٣/ ١٩، وحواشيه.
(٣) البيت مع بيتين آخرين بغير نسبة فى نوادر أبى زيد ص ٤٩٤، وهو أيضا فى المغنى ص ٨٤، وشرح شواهده ص ٢٤٧، وشرح أبياته ٢/ ١٧٦، والهمع ١/ ٢٠٥، وارتشاف الضرب ٢/ ٢٣٤، وحاشية الشيخ يس ٢/ ٣٩. هذا وقد دلّنا السيوطىّ رحمه الله فى شرح شواهد المغنى أن البيت فى الأغانى لعبد الله بن المعتز. والأمر على ما قاله فى الجزء العاشر ص ٢٧٧، ورواية العجز فيه: والدار جامعة أزمان أزمانا وقد نسب شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، البيت فى معجم الشواهد ص ٣٨١، إلى الأعلم بن جرادة السّعدى، ولا أعلم له متابعا، ولا رأيته فى كتاب، ولعل ذلك قد جاء من حاشية شرح المفصل ٩/ ١١٠، عن ابن برّى فى نسبة بيتين آخرين جاءا فى سياق بيت من الأبيات الثلاثة التى أنشدها أبو زيد. ويبقى أن أقول إنى لم أجد البيت فى ديوان ابن المعتز الذى نشره الدكتور محمد بديع شريف، رحمه الله.
(٤) سورة يوسف ٣٢.