للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخاطبة، نحو: تخرجون وتجلسين، حذفت للبناء هذه النون التى هى علم الرفع، كما حذفت الضمة للبناء فى قولك: يا زيد هل تخرجنّ، وإذا حذفت نون تخرجون وتجلسين، حذفت الواو والياء لسكونهما وسكون النون المدغمة من نون التوكيد الثقيلة، وجاز حذف الواو والياء لدلالة الضمّة والكسرة قبلهما عليهما، فقلت:

هل تخرجنّ؟ وتالله لتجلسنّ، كما جاء فى التنزيل: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} (١) وقال تأبّط شرّا:

لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندم ... إذا تذكّرت يوما بعض أخلاقى (٢)

فإن اتّصل الفعل المعتلّ اللام بواو الضمير أو يائه، وما قبل الواو مضموم، وما قبل الياء مكسور، حذفت الواو والياء لسكونهما وسكون النون، فقلت: هل تدعنّ يا قوم، وهل ترمنّ يا مرأة، فمثال تدعنّ وترمنّ، من الفعل: تفعنّ وتفعنّ، لأن الأصل فيهما: تدعوون، وترميين، مثل تخرجون وتجلسين، فحذفت/ضمّة الواو وكسرة الياء استثقالا لحركتين ثقيلتين فى حرفين معتلّين، ثم حذفت الواو والياء اللامان لسكونهما وسكون الواو والياء الضميرين، فصارا إلى تدعون وترمين، فلما اتّصلا بنون التوكيد سقطت النون التى هى علم الرفع، لبناء الفعل مع النون المؤكّدة، فكرهوا أن يقولوا: تدعونّ وترمينّ؛ لسكون الواو والياء، فيجمعوا بين ساكنين، الثانى منهما مدغم، فحذفوا الواو لدلالة الضمّة عليها، والياء لدلالة الكسرة عليها، فصار إلى تدعنّ وترمنّ.


(١) سورة الانشقاق ١٩، وانظر المنصف ٣/ ١٢٤.
(٢) المفضليات ص ٣١، والإفصاح للفارقى ص ٦٨، والموضع السابق من المنصف، والمغنى ص ١٩، وشرح أبياته ١/ ٥٩. وقوله «لتقرعن» و «تذكرت» يضبطان بكسر العين والتاء، أو بفتحهما، لأنهما خطاب للرجل العاذلة، فالتأنيث على اللفظ، والتذكير على المعنى. حواشى المفضليات.