للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المجلس السابع والثلاثون]

[[الجواب عن] المسألة الثانية]

أمّا مجىء الفاعل المضمر مفردا فى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ} وكذلك فى التثنية إذا قلت (١): أرأيتكما، وفى خطاب جماعة النساء إذا قلت: أرأيتكنّ، فإنما أفرد الضمير فى هذا النحو، لأنه لو ثنّي وجمع، فقيل: أرأيتما كما وأ رأيتموكم، وأ رأيتنّكنّ، كان ذلك جمعا بين خطابين، ولا يجوز (٢) الجمع بين خطابين، كما لا يجوز الجمع بين استفهامين، ألا ترى أنك إذا قلت:

يا زيد، فقد أخرجته بالنداء من الغيبة إلى الخطاب، لوقوعه موقع الكاف من قولك: أدعوك وأناديك، فلذلك قال الشاعر (٣):

يا أيّها الذّكر الذي قد سؤتنى ... وفضحتنى وطردت أمّ عياليا

وكان القياس أن يقول: قد ساءنى وفضحنى وطرد، لأن الذى (٤) اسم غيبة،


(١) انظر هذا المبحث فى الكتاب ١/ ٢٤٥، ومعانى القرآن للفراء ١/ ٣٣٣، وللأخفش ص ٢٧٤، وللزجاج ٢/ ٢٤٦، ومجالس ثعلب ص ٢١٦، وتفسير الطبرى ١١/ ٣٥٢، والمقتضب ٣/ ٢٠٩،٢٧٧، والحلبيات ص ٧٥، والعسكريات ص ١٣٨، وتذكرة أبى حيان ص ٢٨٣، وص ٣٥ عن العسكريات، والمغنى ص ١٨١ [حرف الكاف]، وانظر حواشى المقتضب والحلبيات. وقال ابن الأثير: «وفى الحديث: أرأيتك وأ رأيتكما وأ رأيتكم. وهى كلمة تقولها العرب عند الاستخبار، بمعنى أخبرنى وأخبرانى وأخبرونى، وتاؤها مفتوحة أبدا» النهاية ٢/ ١٧٨. وانظر ما يأتى فى المسألة السادسة؛ فإنها متصلة بهذه المسألة الثانية.
(٢) عدم جواز الجمع بين خطابين، قاله أبو على فى التذكرة، وحكاه عنه السيوطى فى الأشباه والنظائر ١/ ٣٢٤.
(٣) أبو النجم العجلى، وصرح به ابن الشجرى فى المجلس الموفى السّتين، وهو فى ديوانه ص ٢٣٦، وتخريجه فى ص ٢٦٠.
(٤) راجع كتاب الشعر ص ٣٩٩.