للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل [في أفعال فاءاتها واو:]]

وقد جاءت أفعال فاءاتها واو، على مثال فعل يفعل: وهى ورث يرث، ووثق يثق، وولى يلى، وورم الجرح يرم، وورع الرجل يرع: إذا كفّ (١)، وومق يمق مقة: إذا أحبّ، ووفق يفق: من الوفاق بين الشيئين، كالالتحام بينهما، /وورى الزّند يرى، ويقال أيضا: ورى يرى وأورى، كلّ ذلك إذا أظهر نارا.

ومجىء هذه الأفعال على فعل يفعل، شذوذ عن القياس، لأنّ قياس فعل أن يأتى مضارعه على يفعل، مفتوح العين، كقولك: عجل يعجل، وعلم يعلم، وعمل يعمل، وقد ندر من الصّحيح أربعة أحرف، تكلّم بعض العرب بها على وجه القياس، وبعضهم على الشذوذ، وهى حسب يحسب ويحسب، ونعم ينعم وينعم، وبئس يبأس ويبئس، ويئس ييأس وييئس، ولم تأت اللغتان معا، القياسية والشذوذية، فى شيء من المعتلّ الفاء، إلاّ فى ورى الزّند. وورى (٢) فأمّا وطئ يطأ، ووسع يسع، فإنما حذفوا الواو من يطأ ويسع، وما بعدها مفتوح، لأنهما فى الأصل يوطئ ويوسع، من حيّز وثق يثق، ولكنهم فتحوا العين منهما، لمكان الحرف الحلقىّ، ألا ترى أنّ فعل الذى قياس مضارعه يفعل، بكسر عينه، إذا كانت العين منه أو اللام حرفا من حروف الحلق الستّة: «الغين والخاء والعين والحاء والهمزة والهاء» جاء المضارع منه على يفعل، كقولهم: جبه يجبه، وجرح يجرح، وسلخ يسلخ، وصنع يصنع، وبدأ يبدأ، ونعت ينعت، وشغل يشغل، وفخر يفخر، ونحر ينحر، ونهض ينهض، وإنما استحسنوا الفتحة فى هذا الضّرب،


(١) فى الأصل وهـ‍: «خفّ» مضبوطا بفتح الخاء وتشديد الفاء. ولم أجده تفسيرا مقبولا للورع، ولا صلة بين الخفّة والورع. والذى فى كتب اللغة أن الورع هو الكفّ عن المحارم والتحرّج منه. وقد أصلحه مصحح الطبعة الهندية فجعله «خاف». ولم يذكر هذا المعنى صراحة فى المعاجم، على أن له وجها يمكن أن يحمل عليه، فقد قالوا عن الورع إنه الرجل الجبان. وأصل هذه المادة يرجع إلى معنى الكفّ والانقباض. كما ذكر ابن فارس فى المقاييس ٦/ ١٠٠. ثم انظر أمثلة هذه الأفعال التى جاءت على «فعل يفعل» فى المنصف ١/ ٢٠٧.
(٢) والفتح أكثر، كما ذكر ابن جنى فى المنصف ١/ ٢٠٧.