للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الجواب عن] المسألة الثالثة]

أما حدّ الاسم، فإنّ سيبويه (١) حدّ الفعل ولم يحدّ الاسم، لما يعتور حدّ الاسم من/الطّعن، وعوّل على أنه إذا كان الفعل محدودا والحرف محصورا معدودا فما فارقهما فهو اسم.

وحدّ بعض النحويين المتأخرين (٢) الاسم، فقال: الاسم كلمة تدلّ على معنى فى نفسها، غير مقترنة بزمان محصّل، وإنما قال: تدلّ على معنى فى نفسها، تحرّزا من الحرف، لأن الحرف يدلّ على معنى فى غيره، وقال: غير مقترنة بزمان، تحرّزا من الفعل، لأن الفعل وضع ليدلّ على الزمان، ووصف الزمان بمحصّل، ليدخل فى الحدّ أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين والمصادر، من حيث كانت هذه الأشياء دالّة على الزمان، لاشتقاق بعضها من الفعل، وهو اسم الفاعل واسم المفعول، واشتقاق الفعل من بعضها، وهو المصدر، إلا أنها تدلّ على زمان مجهول، ألا ترى أنك إذا


(١) الكتاب ١/ ١٢.
(٢) نسب العكبرىّ هذا الحدّ للاسم إلى ابن السرّاج. والذى فى أصول ابن السراج غير هذا، قال فى تعريف الاسم: «الاسم ما دلّ على معنى مفرد، وذلك المعنى يكون شخصا وغير شخص». وبهذه الألفاظ حكاه عنه الزجاجى. انظر مسائل خلافية فى النحو للعكبرى ص ٤١، والأصول لابن السرّاج ١/ ٣٦، والإيضاح للزجاجى ص ٥٠. ونعم ذكر ابن السراج بعض ألفاظ هذا الحدّ المنسوب إليه، فقال فى الفرق بين الأسماء الظروف والأفعال: «فإذا كانت اللفظة تدلّ على زمان فقط فهى اسم، وإذا دلّت على معنى وزمان محصّل، فهى فعل، وأعنى بالمحصّل: الماضى والحاضر والمستقبل». ولعل من تمام الفائدة أن أشير إلى ما ذكره ابن السرّاج من تعريف الاسم فى كتابه الآخر: الموجز. قال فى ص ٢٧ منه: «فالاسم ما جاز أن تخبر عنه، نحو: عمرو منطلق، ورجل فى الدار». هذا وقد ذكر أبو البركات الأنبارىّ أن النحويّين ذكروا فى الاسم حدودا كثيرة تنيف على سبعين حدّا. أسرار العربية ص ٩،١٠. ويبقى أن أقول: إنى وجدت تعريفا للاسم، يوشك أن يكون هو الذى عزاه ابن الشجرى لبعض المتأخّرين. وهو ما ذكره أبو محمد الصيمرى، من نحاة القرن الرابع، قال فى كتابه التبصرة والتذكرة ص ٧٤: «فحدّ الاسم: لفظ يدلّ على معنى فى نفسه مفرد غير مقترن بزمان محصّل».