للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل فى سوى]

سوى فى الاستثناء معدودة فى الظّروف، فهى فى محلّ نصب على الظّرف، ومؤدية معنى «غير»، فإن فتحت أوّلها مددتها ونصبتها نصب الظرف، فقلت:

خرج القوم سواء زيد، ولا يدخل الخافض عليهما إلا فى الشّعر كقوله (١):

تجانف عن جلّ اليمامة ناقتى ... وما قصدت من أهلها لسوائكا

أى لغيرك، وأراد عن جلّ أهل اليمامة، أى أكثرهم، وإنما لم يدخل الخافض عليهما، لأنهما من الظروف التى لا تتصرّف، ووجه الظرفية فيهما أنك تقول:

أخذت رجلا ليعمل ما أكلّفه سوى زيد، أى مكان زيد، وأنهم قد وصلوا بهما، فقالوا: جاء الذى سوى زيد، ومررت بالذى سواء بكر، وليستا فى باب الاستثناء من/المساواة، وإنما هما مشتملتان على حروف المساواة، ومعناهما معنى «غير»، فإن أخرجتهما من باب الاستثناء جاءتا على ضروب، أحدها: استعمالهما بمعنى المكان المتوسّط بين المكانين، فمن ذلك فى التنزيل: {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً} (٢) أى مكانا يكون النّصف ممّا بيننا وبينك، وكذلك تقول فى الممدودة: هذا مكان سواء، أى متوسّط بين المكانين، وجاء فى


(١) الأعشى. ديوانه ص ٨٩، والكتاب ١/ ٣٢،٤٠٨، وضرورة الشعر ص ٢٢١، والتبيين ص ٤٢٠، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص ٤٥٣، وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الخمسين، والثامن والخمسين، والتاسع والستين. وانظر الإنصاف ص ٢٩٤.
(٢) سورة طه ٥٨.