للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية: {سُوىً} و {سُوىً} مكسور الأول ومضمومه، وقد استعملوا المقصورة بمعنى القصد فقالوا: قصدت سوى فلان، أى قصدت قصده، وهذا أغرب (١) ما جاء فيها، قال (٢):

فلأصرفنّ سوى حذيفة مدحتى ... لفتى العشىّ وفارس الأجراف

أراد قصد حذيفة.

واستعملوا الممدودة بمعنى الوسط، كما جاء فى التنزيل: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} (٣) أراد فى وسط الجحيم.

واستعملوها مصدرا فى معنى اسم الفاعل المشتقّ من الاستواء، كقوله جلّ ذكره: {سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ} (٤) أى مستو فيه هذا وهذا، ومنه قولهم:

«مررت برجل سواء والعدم (٥)» برفع العدم بالعطف على المضمر فى سواء، والوجه أن تؤكّده بمنفصل فتقول: هو والعدم، فإن رفعت سواء، فلا بد من المنفصل، تقول:

سواء هو والعدم، فهو مبتدأ والعدم معطوف عليه، وسواء خبر عنهما.

وقد استعملوها للتسوية بين الشيئين المتضادّين، كقولهم: سواء علىّ أقمت أم قعدت، كما جاء فى التنزيل: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (٦) أى سواء عليهم


(١) فى هـ‍: «إعراب» وما فى الأصل مثله فى المغنى ص ١٥٠ حكاية عن ابن الشجرى.
(٢) قيس بن الخطيم. ديوانه ص ١٢٧، وتخريجه فى ص ١٣٩، وينسب إلى حسان بن ثابت رضى الله عنه. ديوانه ص ٤٩٦، وانظر شرح أبيات المغنى ٣/ ٢٢٠. والأجراف: اسم موضع.
(٣) سورة الصافات ٥٥.
(٤) سورة الحج ٢٥، والْبادِ بإثبات الياء جاءت فى الأصل وهـ‍. وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو، غير أن ابن كثير يقف بالياء، وأبو عمرو بغير ياء. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائىّ والمسيّبى عن نافع، بغير ياء فى الحالتين، أى فى الوصل والوقف. السبعة ص ٤٣٦، وزاد المسير ٥/ ٤١٩.
(٥) الكتاب ٢/ ٣١، والأصول ٢/ ٢٨، والمساعد ٢/ ٤٧٠، والمغنى ص ١٤١،٦٦٠، وانظر أيضا الأمثال لأبى عبيد ص ٣٠٧، وجمهرة الأمثال ١/ ٥١٨.
(٦) سورة البقرة ٦، وانظر سورة يس ١٠.