للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الشاعر (١):

وأن يعرين إن كسى (٢) ... الجوارى

فتنبو العين عن كرم عجاف

فإن كسرت ثنّيت وجمعت وأنّثت، لأنه صفة، كحذر وبطر.

والباء التى فى قوله: «بما» متعلّقة بحال محذوفة، وهى حال من الياء فى «صلى»


(١) هو عيسى بن عاتك-أو ابن فاتك-من شعراء الخوارج. والبيت من قصيدة تراها فى شعر الخوارج ص ١٣، وتخريجها فى ص ١٥٠، وقد تمثل بها أبو خالد القنانىّ الخارجىّ.
(٢) وهم كثير من أهل العلم فى ضبط هذا الفعل (كسي) حين اعتبروه مبنيا للمجهول، فضبطوه بضم الكاف وكسر السين، وعلى ذلك جاء فى أصل الأمالى، وجميع طبعات الكتاب الكامل للمبرد التى أعرفها- والكامل هو أقدم مرجع لهذا الشعر-ومنها طبعة وليم رايت، وهى أصح الطبعات القديمة، وطبعة محمد أحمد الدالى، وهى أصح الطبعات الحديثة. والعجب من العلاّمة الشيخ سيد بن على المرصفى، أنه قيّده بالعبارة بفتح الكاف، على الصواب، ثم ضبطه بالقلم بالضم، وقد أخبرنى شيخى محمود محمد شاكر-حفظه الله- وكان ممّن قرأ على الشيخ المرصفى، أنه هو الذى تولى تصحيح كتابه. انظر رغبة الآمل ٧/ ٨١،٨٢. وحقيقة الأمر فى هذا الفعل أنه بوزن فعل، كعرى يعرى، ورضى يرضى. قال ابن هشام: «يقال: كسى زيد، بوزن فرح، فيكون قاصرا-أى لازما-قال: وأن يعرين إن كسى الجوارى فتنبو العين عن كرم عجاف فإذا فتحت السّين صار بمعنى ستر وغطّى، وتعدّى إلى واحد، كقوله: وأركب فى الروع خيفانة كسا وجهها سعف منتشر أو بمعنى أعطى كسوة، وهو الغالب، فيتعدّى إلى اثنين، نحو «كسوت زيدا جبّة». المغنى ص ٥٢٧ (الباب الرابع). وابن هشام يسمّى هذه التعدية: التعدية بتحويل حركة العين، وابن جنى يسميها التعدية بالمثال، أى بالوزن والبناء. راجع الخصائص ٢/ ٢١٤. ومن الكتب التى ضبط فيها هذا الفعل على الصواب (كسى) بفتح الكاف: الأضداد ص ٢٦، والخصائص ٢/ ٢٩٢،٣٤٢، والمخصص ١٤/ ١٥٧،١٧/ ٣١، واللسان (كسا). أما الكتب التى ضبطته على غير الصواب فهى: إصلاح المنطق ص ٦٠، والمذكر والمؤنث ص ٢٤٣، والمنصف ٢/ ١١٥، والوحشيات ص ٩٠، وشرح الحماسة ص ٢٨٤، والأغانى ١٨/ ١٠٨، ومعجم الشعراء للمرزبانى ص ٩٦، وشرح نهج البلاغة ٥/ ٩٢، والأساس (كرم)، واللسان (عجف-كرم)، فضلا عن طبعات الكامل كلها، كما أخبرتك، وأشعار الخوارج. وقد استكثرت لك من ذكر هذه الكتب حتى لا تغترّ بشيوع الخطأ وتفشّيه، وتتابع الناس عليه. ويبقى أن أشير إلى أن رواية عجز البيت فى معجم الشعراء: فتنبو العين عن عرّ عجاف وعليها يفوت الاستشهاد. والعرّ، بضمّ العين: الجرب، وقروح فى أعناق الإبل. والعجاف: الهزيلات. وتنبو العين: لا تنظر إليهم.