للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{يُرِدِ اللهُ/أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} (١) فلمّا حذف المصدر وجب إثبات اللام، وكذلك قوله: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} أراد: رفعنا لتشريفك ذكرك.

وقوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} إنّما كرّرت الجملة توكيدا كقول الشاعر:

وكلّ حظّ امرئ دونى سيأخذه ... لا بدّ لا بدّ أن يحتازه دونى (٢)

وكقول الخنساء:

هممت بنفسى بعض الهموم ... فأولى لنفسى أولى لها (٣)

وقد جاءت الجملة مكرّرة فى القرآن بالعاطف، فى قوله تعالى: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى. ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} (٤).

وإنما كان «العسر» معرّفا و «اليسر» منكّرا؛ لأنّ الاسم إذا تكرّر منكّرا فالثانى غير الأوّل (٥)، كقولك: جاءنى رجل فقلت لرجل جاء بعده: كذا وكذا، وكذلك إن كان الأوّل معرفة والثانى نكرة، كقولك: حضر الرجل فقلت لرجل:

كيت وكيت، فإن كان الأوّل نكرة والثانى معرفة، فالثانى هو الأول، كقولك:

مررت برجل فقلت للرجل: افعل كذا، ومثله فى التنزيل: {كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (٦) ومثله: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها}


(١) سورة الأنعام ١٢٥.
(٢) فرغت منه فى المجلس الثانى والثلاثين.
(٣) وهذا مثل سابقه.
(٤) سورة القيامة ٣٤،٣٥. وراجع تأويل مشكل القرآن ص ٢٣٦. ولمبحث التكرير فى القرآن العزيز انظر: إعجاز القرآن ص ١٠٦، وبديع القرآن لابن أبى الإصبع ص ١٥١، والمثل السائر ٣/ ١٠.
(٥) راجع هذه المسألة فى معانى القرآن للفراء ٣/ ٢٧٥، وللزجاج ٥/ ٣٤١، وغريب الحديث للخطابى ٢/ ٦٩، وزاد المسير ٩/ ١٦٤ - ١٦٦، والكشاف ٤/ ٢٦٧، وتفسير القرطبى ٢٠/ ١٠٧، والبرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ص ٤٦، وطبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٢٤٣، والبرهان فى علوم القرآن ٤/ ٩٤، والمغنى ص ٦٥٦ (الباب السادس).
(٦) سورة المزمل ١٥،١٦. وراجع البرهان ٤/ ٨٧.