للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيا ضيعة الفتيان إذ يعتلونه ... ببطن الشّرى مثل الفنيق المسدّم (١)

/أى ما أضيع الفتيان بعده، إذ يعتلونه، أى يقودونه، يعنى أعداءه، مثل الفحل من الإبل، والمسدّم: المكعوم الذى حشى فمه بالسّدام، وهو الكعامة ليمنعه من العضّ.

فهذه وجوه شتّى قد احتملها النّداء، وإن كان فى أصل وضعه لتنبيه المدعوّ، والذى حملنى على تلخيصها، ما ذكرته لك من إنكار كثير منهم أن يكون لفظ النداء محتملا لمعنى غيره، وقد أريتك أن أكثر معانى الكلام ليس لفظ من ألفاظها إلا وهو محتمل لمعان مباينة للمعنى الذى وضع له ذلك [اللفظ (٢)] فلا يكون فى احتماله لتلك المعانى ما يخرجه عن معناه الأصلىّ.

وأقول: إنه كما جاز فى الألفاظ المفردة ما يتّفق لفظه ويختلف معناه، كذلك جاز أن يكون فى الألفاظ المركّبة المفيدة ما يختلف معناه واللفظ واحد، كقولهم فى المفرد: العين، لعين الإنسان وكلّ ذى بصر، والعين: الرجل المتجسّس، والعين: سحابة تأتى من ناحية (٣) القبلة، والعين: مطر يدوم خمسا أو ستّا لا يقلع، والعين: الدّنانير الناضّة (٤)، والعين: الميل فى الميزان، وعين الرّكبة: النّقرة التى فيها [وعين الماء (٥)] وعين الشمس، وعين القبلة، وعين الشىء: نفسه (٦).


(١) هى بنت بهدل بن قرفة الطائى، أحد لصوص العرب، زمان عبد الملك بن مروان. شرح الحماسة ص ٢١١،٢١٢، ومعجم البلدان ٣/ ٣٦٨، فى رسم (الشرى) حكاية عن المرزوقى.
(٢) سقط من هـ‍.
(٣) فى الأصل: «نحو»، وأثبتّ ما فى هـ‍، ومثله فى اللسان (عين).
(٤) الدنانير الناضة: هى الدنانير العينيّة، من ذهب أو فضة.
(٥) ساقط من هـ‍.
(٦) من تمام الفائدة أن أذكر أن لبهاء الدين السّبكىّ قصيدة مدح بها أخاه جمال الدين الحسين، وكلّ بيت منها ينتهى بلفظ «عين» ذكر فيها خمسة وثلاثين معنى للعين، وقد أوردها أخوهما تاج الدين فى طبقات الشافعية الكبرى ٩/ ٤١٦، وأشار إليها المرتضى الزّبيدى فى التاج (عين) ومطلع القصيدة: هنيئا قد أقرّ الله عينى فلا رمت العدى أهلى بعين