للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ} (١) وفارقة بين معنيين، فى نحو: ما جاءنى من رجل، فليست هاهنا لمجرّد الزّيادة، بدلالة قولك: ما جاءنى رجل بل رجلان، فإذا دخلت «من» دلّت على العموم، وقد أنابوها مناب لام العلّة فى نحو: لست أغبّ زيدا من إكرامى له، أى لإكرامى، ومثله {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (٢) و {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ} (٣).

فلما كثر استعمالها لكثرة تصرّفها فى المعانى (٤)، مع كثرة استعمال الألف واللام، اختاروا لها أخفّ الحركات، استثقالا لتوالى كسرتين فيما يكثر استعماله.

فإن ولى نونها ساكن غير لام التعريف، استعملوا الأصل، فكسروا فى نحو: عجبت من ابنك، واسمى أحسن من اسمك، وقد فتحها هاهنا قوم من الفصحاء، فيما حكاه سيبويه (٥).

فأمّا نون «عن» فمجمع على كسرها، فى نحو: {عَنِ الْقَوْمِ} (٦) وذلك لعدم توالى كسرتين.

والرابع: أن يختاروا الفتحة فرارا من اجتماع ثقلين، وذلك فى المضاعف، نحو ربّ وثمّ، وفيما يجيء بعد واو أو ياء، نحو سوف وحوب وليت وكيف.

والخامس: أن يكون العدول إلى الفتح طلبا للفرق، كفتح نون الجمع، للفرق بينها وبين نون التثنية، في قولك: الزيدان والزيدون، ويفعلان ويفعلون.


(١) سورة البقرة ١٠٢.
(٢) سورة الأنعام ١٥١.
(٣) سورة المائدة ٣٢.
(٤) عالج ابن الشجرى معانى «من» فى غير مجلس من الأمالى، ويظهر ذلك فى الفهارس إن شاء الله.
(٥) الكتاب ٤/ ١٥٥.
(٦) سورة الأنعام ١٤٧، وغير ذلك من الكتاب الحكيم.