للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نكرة، فكيف يجوز أن تجعلوه لكم دليلا؟ ثم يمكن أن ينشد «أجشّ صهيلا» على طريق الزّحاف، أو أجشّ صهيلا» بالتنوين، فيستقيم وزنا وإعرابا.

وهبوا أنّنا سلّمنا لكم صحّة الإعراب بالنصب فى هذه الأبيات، وأجريناها فى ذلك مجرى ما أكرم الرّجل، فهل تقدرون أن توجدونا أفعل وصفيّا نصب مضمرا أو علما أو اسما من أسماء الإشارة؟

وإذا كان هذا غير ممكن، ووجدنا أفعل فى التعجّب يعمل فى جميع ضروب المعارف، دلّ ذلك على استحالة الاسميّة فيه، وبطل ما لجأتم إليه.

فأمّا قول الفرّاء إنّ أصل ما أحسن عبد الله: ما أحسن عبد الله؟ ففتحوا «أحسن»، ونصبوا «عبد الله» فرقا بين الاستفهام والخبر، فقول لا يقوم عليه برهان إلاّ بوحي من الله عزّ وجل، مع أن الفساد يعتوره، وإذا علم أنه دعوى لا يمكن إقامة الدليل عليها، وجب أن لا نتشاغل بالجواب عنه، غير أننا نبيّن فساده بما قدّمناه/من الحجاج.

فنقول له: بم نصبت «أحسن» وهو مفرد فى محلّ الرفع؟ وبم نصبت «عبد الله» وهو فى محلّ الخفض؟ فجوابه أن يعود إلى ما بدأ به، فيقول: للفرق بين الاستفهام والتعجّب، فنقول له: التفريق بين المعانى لا يوجب إزالة الإعراب عن وجهه، فينصب اسما مرفوعا وآخر مجرورا، فيكون هو نفسه العامل فيهما النّصب، [وعلى أنه يفسد (١)] من وجه آخر، وهو أن التعجّب إخبار، بدلالة دخول الصّدق والكذب فيه، فالاستفهام مباين له، فلا يصحّ أن يكون أصلا له، ولأننا إذا قلنا:

ما أحسن عبد الله، فالتعجّب وقع من جملته، وإذا قلنا: ما أحسن عبد الله؟ فالاستفهام عن بعضه.

فأمّا القول الآخر، وهو تجويزهم أن يكون بنى لتضمّنه معنى حرف


(١) تكملة من د.