للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مباينة لها من وجهين، أحدهما: أن التاء التى فى قولك: قامت المرأة، لحقت الفعل لتأنيث الاسم المسند إليه الفعل، وعلى هذا الحدّ لحقت «نعم وبئس»، والتاء التى فى ربّت وثمّت، لحقت لتأنيث الحرف نفسه، لا لتأنيث جزء آخر، وكأنهم آثروا تأنيث شيء من الحروف، كما آثروا ذلك فى الظّروف، فأنّثوا قدّاما وأماما ووراء، ودلّوا على تأنيثهنّ بظهور الهاء فى قوله: «قديديمة التجريب» (١) وفى نحو:

جلست أميمة زيد، وقمت وريّئة (٢) أخيك، فهذا فرق.

والفرق الآخر: أن التاء اللاحقة للفعل، أحد أوصافها السكون، والتاء اللاحقة هذين الحرفين، وإن كانت لا تنقلب فى الوقف، ليست موافقة للتاء فى قولك: قامت ونعمت، فى سكونها.

وأمّا اعتراضكم بأن التاء لا تلزم «نعم وبئس» مع وقوع المؤنّث بعدهما، فليس/بصحيح؛ لأنها تلزمهما فى لغة شطر العرب، كلزومها باب قام، فلا فرق عندهم بين نعمت المرأة وقامت المرأة، وإنما استحسن حذفها الذين قالوا: نعم


(١) هو قول القطامى: قديديمة التجريب والحلم إننى أرى غفلات العيش قبل التجارب ديوانه ص ٤٤، والمقتضب ٢/ ٢٧٣،٤/ ٤١، والمذكر والمؤنث للمبرد ص ١٠٤، ولابن الأنبارى ص ٣٧٧، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٥١٩، وشرح المفصل ٥/ ١٢٨، وشرح الجمل ٢/ ٣٧٩. و «قديديمة» تأتى فى كتب الاستشهاد بضم التاء-وهى آفة انتزاع الشاهد من سياقه-والصواب بالفتح-قال البغدادىّ حكاية عن ابن هشام اللخمىّ: «وقديديمة منصوب على الظرف، والعامل فيه راقهنّ ورقنه، أى أعجبهنّ وأعجبنه قديديمة التجريب والحلم، أى أمام التجريب والحلم. . . وقد يحتمل أن يكون العامل فى قديديمة محذوفا دلّ عليه سياق الكلام، كأنه أراد: تظنّ طيب العيش ولذّته قدّام التجربة والحلم، أى أمام ذلك، ليس الأمر كذلك، إنما يطيب العيش ويحسن قبل التجارب وفى عنفوان الشباب وحين الغفلة، وأما بعد ذلك فلا، فيكون العامل فيها «تظنّ» المقدّر». الخزانة ٧/ ٨٩، والبيت المشار إليه هو: صريع غوان راقهنّ ورقنه لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب
(٢) فى الأصل: «ورياة» وفى د «ورياءة». وكلاهما خطأ. وأثبتّ الصواب من الكتاب ٣/ ٢٦٧، وشرح الشافية ١/ ٢٤٣، ومراجع تخريج الشاهد السابق.