للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلولا رجاء أن تثوبا وما أرى ... عقولكما إلاّ بعيدا ذهابها

سقيتكما قبل التفرّق شربة ... شديدا على باغى الظّلام طلابها

يقول: لولا أنى أرجو أن ترجعا عمّا ارتكبتماه من ظلمى لسقيتكما قبل أن يفارق أحدكما صاحبه، شربة يشتدّ طلبها، أى طلب مثلها على من يطلب المكافأة على ظلمه، أى فعلت بكما فعلا يشابه شربة سمّ.

والظّلام، بالكسر (١): الظّلم، وأراد: على باغي جزاء الظّلام، فحذف المضاف.

وقال: «عقولكما» فجمع العقل فى موضع التثنية، شبّهه بما فى الجسد منه شيء واحد، كالقلب والوجه والأنف والبطن، كما جاء فى التنزيل: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} (٢) و {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} (٣) وجمع العقل هاهنا أجود من جمع الرّحل فيما حكاه سيبويه، من قولهم: «ضعا رحالكما (٤)؛ لأن الأصل فى هذا النحو جمع ما هو فى الجسد.

وقد جاءت التثنية فى موضع التثنية، كقول الفرزدق:

بما فى فؤادينا من الشّوق والهوى (٥)

وجاءت اللّغتان فى قول هميان بن قحافة:

ومهمهين قذفين مرتين ... ظهراهما مثل ظهور التّرسين


(١) فى الخزانة ٥/ ٣٠٥ أنه جمع الظّلم. قلت: ولم أجده فى كتب اللغة التى بين يدىّ، ولكنه مقيس مطّرد، إذ كان «فعل» مما يجمع على «فعال» مثل رمح ورماح. والذى فى اللسان والقاموس أن الظّلام، بكسر الظاء، مرادف للظّلم.
(٢) الآية الرابعة من سورة التحريم.
(٣) سورة الأعراف ٢٣.
(٤) سبق تخريجه فى المجلس الثانى، مع فرق فى الرواية.
(٥) وهذا أيضا والذى بعده سبقا فى المجلس المذكور.