كتاب أمالي ابن الشجري ت الطناحي

المجلس السادس والستون لولا: حرف وضع لمعنيين - ج: 2 - ص: 510

أراد: لولا تعدّون (١) الكميّ، أى ليس فيكم كميّ فتعدّوه.

والضرب الآخر، يدخل على جملتين؛ فيربط إحداهما بالأخرى، ويجعل الثانية جوابا للأولى، فالأولى منهما مبتدأ وخبر، والثانية فعل وفاعل، ويحتاج إلى اللام فى الجواب، كاحتياج «لو» إليها فى نحو: لو جئتنى لأكرمتك، تقول: لولا زيد لجئتك، فزيد رفع بالابتداء، وخبره محذوف لعلم السامع به، تقديره: لولا زيد حاضر أو عندك، أو نحو ذلك ممّا يعرفه المخاطب، لجئتك.

وجعل سيبويه أصل المسألة (٢): زيد بالبصرة خرج عمرو، فلا تعلّق لإحدى الجملتين بالأخرى، فإذا/دخلت «لولا» علّقت أحد الكلامين بالآخر، فقلت:

لولا زيد لخرج عمرو، حذفوا الخبر حين فهم المعنى مع كثرة الاستعمال.

وأقول: إنّ خبر المبتدأ بعد «لولا» قد ظهر فى قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ} (٣) وكذلك {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} (٤) وربّما جاء بعدها مكان المبتدأ الفعل والفاعل، لاستواء هاتين الجملتين فى المعنى، ألا ترى أن قولك: زيد قام، وقام زيد، معناهما واحد، قال الجموح أحد بنى ظفر، من سليم بن منصور:

لا درّ درّك إنّى قد رميتهم ... لولا حددت ولا عذرى لمحدود (٥)

-

---

(١) قدّره ابن هشام، «لولا عددتم» وأورد عليه كلاما، انظره فى الموضع السابق من المغنى، وراجع الخزانة ٣/ ٥٦.
(٢) لم أعرف موضعه فى الكتاب، لكنّ سيبويه ذكر شيئا قريبا منه فى ٢/ ١٢٩.
(٣) سورة النساء ٨٣.
(٤) السورة نفسها ١١٣. وقد تعقب ابن هشام ابن الشجرى فى ظهور خبر المبتدأ بعد «لولا» بما ذكرته فى دراستى ص ٦٢، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٦٧٨،٦٨٠،٦٨١.
(٥) البيت من قصيدة للجموح فى شرح أشعار الهذليين ص ٨٧١ (فى يوم نبط، وهو يوم ذات البشام) وذكر ابن برى أن البيت ينسب أيضا لراشد بن عبد ربه السلمى. التنبيه والإيضاح ٢/ ١٦٤. و «راشد بن عبد ربه» هذا صحابىّ جليل، وكان اسمه غويّا أو غاويا، فسمّاه النبىّ صلّى الله عليه وسلم راشدا. الإصابة ٢/ ٤٣٤.