للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لزيد، ولا رجل فى الدار، و {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} (١) فهى فى هذا الوجه مشبّهة بإنّ، من حيث هى نقيضتها، ومعنى تناقضهما: أنه إذا قيل: إنّ فى الدار رجلا، قيل فى نفيه: لا رجل فى الدار، والعرب يحملون الشىء على نقضيه (٢)، كما يحملونه على نظيره، كما حملوا «كم» على «ربّ» فى الخبر، فبنوها من حيث ناقضتها، فكانت للتكثير، وربّ للتقليل، فالفتحة فى نحو لا رجل فى الدار فى قول البصريّين بناء يشبه الإعراب، وهى فى قول الكوفيّين إعراب، والصحيح ما ذهب إليه البصريّون، وذلك لعدم التنوين، فتنزّل لا رجل منزلة خمسة عشر (٣).

/فإن وليها المضاف أو الطّويل (٤)، وهو الذى يعمل فيما بعده نصبا أو رفعا، فالفتحة نصب صريح؛ لأن التركيب لا يكون فيما جاوز جزئين، فمثال المضاف:

لا صاحب حقّ فى الدار، ولا طالب رفد هنا، ومنه قول المتنبى (٥):

فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد ... على أحد إلاّ بلؤم مرقّع

ومثال الطويل الناصب، قولك: لا ضاربا زيدا هنا، والرافع: لا كريما أبوه عندك، ولا حسنا وجهه حاضر، ومن الطويل الناصب: أفعل، فى نحو: لا أفضل من زيد فى الدار، وإنما حكموا بطول أفضل؛ لتعلّق «من» به، ألا ترى أنه لمّا زال عن أفعل وزن الفعل فوجب صرفه، لحقه التنوين، فقيل: لا خيرا من زيد عندنا، ولا شرّا من بكر عندك.


(١) سورة يوسف ٩٢.
(٢) راجع المجلس الثامن، والمجلس الثامن والخمسين.
(٣) راجع المقتضب ٤/ ٣٥٧.
(٤) وهو الشّبيه بالمضاف، ويسمّى أيضا مطوّلا، وممطولا، أى ممدودا.
(٥) ديوانه ٢/ ٢٣٩، والمغنى ص ٢٣٧، وشرح أبياته ٤/ ٣٧٤. و «ابن أحمد» فى البيت هو: على بن أحمد الخراسانى.