للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجدنا الحمر من شرّ المطايا ... كما الحبطات شرّ بنى تميم

قال: معناه: كالذين هم الحبطات، قال: وإن شئت جعلت «ما» زائدة، وجررت «الحبطات» بالكاف. انتهى كلامه.

وأقول: إنّ هذا الوجه عندى أجود من الأول.

وأما قوله تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} (١) ف‍ «ما» تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون بمعنى الذى، وهى مرفوعة الموضع بالابتداء، و {بِكُمْ} صلتها، ومعنى بكم: فيكم، وقوله: {مِنْ نِعْمَةٍ} /فى موضع حال من المضمر فى الظّرف، وقوله: {فَمِنَ اللهِ} هو الخبر، وجاز دخول الفاء فى الخبر، لأن الصّلة ظرف، وإنما جيء بالفاء فى خبر الموصول بالظّرف كما يجاء بها في خبر الموصول بالفعل، ألا ترى أنهم قد نزّلوا الظرف إذا وصفوا به منزلة الفعل إذا وصفوا به، فقالوا: كلّ رجل فى الدار فله درهم، كما قالوا: كلّ رجل يأتينى فله درهم.

وإذ (٢) تنزّل الظرف منزلة الفعل فإن الظرف متى وقع صلة جاز دخول الفاء فى خبر المبتدأ الموصول به، كدخولها فى جواب الشرط، تقول: الذى يزورنى فله (٣) درهم، وعلى ذلك جاء {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} (٤).

وقد دخلت الفاء فى خبر الموصول إذا كان اسم إنّ، وهذا أشدّ من دخولها فى خبره إذا كان مبتدأ، لأن دخولها فى خبره إنما هو لتشبيه صلته: الشّرط، والأسماء الشرطيّة حكمها حكم الاستفهامية، فى لزومها صدر الكلام، فلا يعمل فيها عامل لفظىّ، إلا أن يكون خافضا.


(١) سورة النحل ٥٣.
(٢) فى الأصل: وإذا.
(٣) إذا تضمّن المبتدأ معنى الشرط جاز دخول الفاء على خبره. انظر بيان ذلك فى الكتاب ٣/ ١٠٢، والكامل ص ٨٢٢، والمقتضب ٣/ ١٩٥، وشرح المفصل ١/ ٩٩، والمغنى ص ١٦٥.
(٤) سورة البقرة ٢٧٤.