للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فصبرت عارفة لذلك حرّة ... ترسو إذا نفس الجبان تطلّع (١)

والرابع: أن تكون تعجّبيّة، نحو: ما أكرم زيدا، وما أظرفه، وقيل فى قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} (٢) إنه تعجّب، والتعجّب لا يكون من القديم سبحانه، لأن التعجّب إنما يكون ممّا ظهر حكمه وخفى سببه، والله لا تخفى عليه خافية، ولكنه يحمل على أنه مستحقّ أن يقال له: ما أكفره، وكذلك يقال في قول من ذهب إلى أن قوله: ما أكفره، استفهام.

وما التعجبيّة فى تقدير: شيء، وموضعها رفع بالابتداء، وخبرها ما بعدها من الفعل والفاعل والمفعول؛ لأن أفعل التعجّبيّ فعل ماض بإجماع البصريّين (٣)، ففاعله مضمر عائد على «ما» فالتقدير فى قولك: ما أحسن أخاك! على مذهب الخليل وسيبويه: شيء أحسن أخاك.

وذهب الأخفش إلى أنها موصولة بمعنى الذى، والجملة التى هى أفعل وفاعله ومفعوله صلتها، وأنها مبتدأ خبره محذوف، فالتقدير: الذى أحسن أخاك شيء.

وقول الخليل وسيبويه أصحّ؛ لأن التعجّب فى الإبهام بمنزلة الشرط والاستفهام، فإذا حكم بأنّ «ما» التعجبيّة موصولة، فإن الصّلة تخرجها من الإبهام، من حيث كانت الصّلة موضّحة للموصول.

ويقوّى مذهب الخليل وسيبويه أن الكلام على قولهما تامّ غير مفتقر إلى تقدير محذوف، وأن هذا الخبر المقدّر، فبما ذهب إليه الأخفش، لم يظهر فى شيء من كلامهم.

والخامس: أن تكون «ما» اسما منكورا تلزمه الصّفة (٤)، كقولك: مررت بما


(١) فرغت منه فى المجلس الثانى والعشرين.
(٢) سورة عبس ١٧.
(٣) تقدّم هذا بتوسّع فى المجلس التاسع والخمسين.
(٤) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٣/ ٣.