للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريب؛ لأن الرحمة والغفران فى معنى واحد، وكذلك كلّ تأنيث ليس بحقيقيّ (١).

وقال/غيره: إنّما ذكّر قريب لأن الرحمة والرّحم سواء، وهذا نظير قول الزّجّاج؛ إلاّ أنه أوفق؛ لأنه ذكر ما هو من لفظ الرحمة، فأراد أن الرّحم فى قوله تعالى: {وَأَقْرَبَ رُحْماً} (٢) بمعنى الرحمة، فقد وافقها لفظا ومعنى، فحملت الرحمة عليه. وقال الأخفش: المراد بالرحمة هاهنا المطر، لأنه قد تقدّم ما يقتضى ذلك، فحمل قريب عليه (٣).

وقال أبو عبيدة: ذكّر {قَرِيبٌ} لتذكير المكان، أى مكانا قريبا (٤).

وأقول: إنه لو أريد (٥) هذا لنصب قريب على الظرف، فإن حملناه على ما قاله، فالتقدير: إنّ رحمة الله ذات مكان قريب، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار: إن رحمة الله مكان قريب، فحذف الموصوف كما حذف فى قوله تعالى: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (٦) أراد دروعا سابغات

وقال الفرّاء: إنما أتى قريب بغير هاء، ليفرق بين قريب من النّسب وقريب من القرب (٧).

قال الزجّاج: وهذا غلط؛ لأنّ كلّ ما قرب؛ من مكان أو نسب، فهو جار


(١) معانى القرآن ٢/ ٣٤٤.
(٢) سورة الكهف ٨١.
(٣) معانى القرآن ص ٣٠٠.
(٤) الذى فى مجاز القرآن ١/ ٢١٦ غير هذا، فقد قال أبو عبيدة هناك: «هذا موضع يكون فى المؤنثة والثّنتين والجميع منها بلفظ واحد، ولا يدخلون فيها الهاء؛ لأنه ليس بصفة، ولكنه ظرف لهنّ وموضع، والعرب تفعل ذلك فى قريب وبعيد».
(٥) هذا الردّ لعلىّ بن سليمان، الأخفش الصغير، كما ذكر النحاس فى إعراب القرآن ١/ ٦١٨.
(٦) سورة سبأ ١١.
(٧) الموضع السابق من معانى القرآن، مع اختلاف فى العبارة