للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدّمته لم يجز فيه الرفع، لأن البدل تابع فلا يكون من قبل المتبوع.

وإنما جاز للحال أن تجيء غير مشتقّة؛ لأن الخبر نفسه قد جاء غير مشتقّ، فى نحو: زيد غلامنا، وبكر أخو جعفر، وإذا جاز ذلك فى الخبر جاز فى الفضلة على الخبر، فمن ذلك فى التنزيل: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (١) أى علامة لصدقي، وجاء فى الشعر لأبى الصّلت الثقفىّ:

اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا ... فى رأس غمدان ذارا منك محلالا (٢)

نصب «دارا» على الحال من رأس غمدان، قصر بصنعاء، وجاز ذلك لأن الدار منزل، ومن هذا قول المتنبّى (٣).

بدت قمرا وماست خوط بان ... وفاحت عنبرا وزنت غزالا

الميس والميسان: مشي فيه تبختر وتهاد.

والخوط: الغصن.

والرّنوّ: النّظر، يقال: رنا، إذا مدّ بصره.

ونصب «قمرا وخوط بان وعنبرا وغزالا» على الحال، ويتأوّل فيهنّ الاشتقاق، فيحملن على قولنا: بدت مشرقة، وماست متثنّية، وفاحت طيّبة، ورنت مليحة، ونظير هذا البيت قول آخر (٤):


(١) سورة الأعراف ٧٣، وهود ٦٤.
(٢) فرغت منه فى المجلس السادس والعشرين، والكلام على موضع الشاهد منه فى المجلسين الثالث والعشرين، والخامس والعشرين.
(٣) ديوانه ٣/ ٢٢٤، ودلائل الإعجاز ص ٣٠٢،٤٥٠، وأسرار البلاغة ص ١٧٨، والعمدة ١/ ٢٩٣ (باب التشبيه)، ومعاهد التنصيص ٢/ ٨٣، ونهاية الأرب ٧/ ٤٣، والخزانة ٣/ ٢٢٢، والموضع الآتى من اليتيمة، والوفيات.
(٤) هو أبو القاسم الزاهى، على بن إسحاق بن خلف البغدادى. توفّى-فيما قيل-سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وقيل: بعد سنة ستين وثلاثمائة. يتيمة الدهر ١/ ٢٤٩، وتاريخ بغداد ١١/ ٣٥٠ ووفيات الأعيان ٣/ ٣٧١،٣٧٢، والموضع السابق من معاهد التنصيص، والخزانة.