للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقع الجمل أحوالا، كما تقع أخبارا وأوصافا، ولا بدّ فى الجملة من ضمير إذا وقعت خبرا أو صفة، يعود إلى المخبر عنه وإلى الموصوف، ولمّا وجب هذا فى الخبر والصّفة وجب فى الحال؛ لأنها صفة ذى الحال، وأنّها زيادة فى الخبر، فقد أخذت شبها منهما.

وكلتا الجملتين المبتدئية والفعلية تقع حالا.

وإذا كانت الجملة مبتدئية ووقعت (١) حالا، جاز أن تأتى فيها بواو، وليست الواو العاطفة، ولكنّها التى شبّهها سيبويه بإذ، وإنما شبّهها بإذ، لأنها تتعلّق بما قبلها من الكلام، كما تتعلّق «إذ، وذلك فى قوله تعالى: {وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (٢) بعد قوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ} وكذلك الواو فى قوله: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} (٣) فموضع {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} نصب على الحال، قال (٤) سيبويه: «والبحر هذه حاله»، والعامل فى هذه الحال الفعل الذى عمل فى «أنّ»، وتقديره: ولو كان، أو ولو وقع، أو ولو وجد أنّ ما فى الأرض من الشجر أقلام.

وقد جاءت الواو فى الجملة الفعليّة إذا كان الفعل ماضيا معه «قد»، كقولك: جاء زيد وقد وضع يده على وجهه.

فمن الجمل التى وقعت فى موضع الحال قول الهزّانيّة (٥):


(١) فى الأصل: «وقعت» بواو واحدة.
(٢) سورة آل عمران ١٥٤.
(٣) سورة لقمان ٢٧.
(٤) فى مطبوعة الهند: «وقال». وليست الواو فى النّسخ الثلاث. والذى فى الكتاب ٢/ ١٤٤: «والبحر هذا أمره»، وكذلك فيما حكى عنه النحاس، فى إعراب القرآن ٢/ ٦٠٦. وعبارة «هذه حاله» من كلام الزجاج، فى معانى القرآن ٤/ ٢٠٠.
(٥) هى أم ثواب، ولم يذكروا لها اسما. وشعرها هذا فى العققة والبررة (نوادر المخطوطات) ٢/ ٣٦٤، وبلاغات النساء ص ٣٣٤، والكامل ص ٣١٢، وشرح الحماسة ص ٧٥٦.