للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (١) قال: أراد قد حصرت، وهذا لا يجيزه سيبويه، وحمل الآية (٢) على غير هذا، فقال: {حَصِرَتْ} صفة لمحذوف، تقديره: قوما حصرت صدورهم، فقوما نصب على الحال، وحصرت صفتهم، وحذف الموصوف وأبقيت صفته.

وكان أبو العباس المبرّد يقول فى قوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}. قولا ثالثا، وهو أنه خرج مخرج الدعاء عليهم (٣)، كما قال تعالى: {قاتَلَهُمُ اللهُ} (٤) فالمعنى:

ضاقت صدورهم عن/قتالكم. والذى قاله جائز، لولا ما جاء بعده من قوله:

{أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} ونحن لا ندعو بأن تضيق صدورهم عن قتال قومهم، بل نقول: اللهمّ ألق بأسهم بينهم، فلمّا عطف على الأول ما لا يصحّ أن يقع موقع الأوّل لم يصحّ الذى تأوّله (٥).

وقد جاء الفعل الماضى فى موضع الحال مقدّرة معه «قد» فى قوله تعالى:

{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ} (٦) المراد: وقد كنتم، ومثله {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (٧) أراد: وقد اتّبعك.

فإن كان الفعل مستقبلا لم يقع حالا، لا تقول: جاء زيد سيضحك، أو جاء زيد يضحك غدا؛ لأنّ الحال إنما تكون لما أنت فيه.

فإن قيل: فقد جاء فى كتاب سيبويه: «مررت برجل معه صقر صائدا به


(١) سورة النساء ٩٠.
(٢) لا ذكر لهذه الآية الكريمة فى كتاب سيبويه المطبوع.
(٣) المقتضب ٤/ ١٢٤، ولم يتل المبرّد هذه الآية التى تلاها ابن الشجرى، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٣٢٨،٣٢٩.
(٤) سورة التوبة ٣٠، والمنافقون ٤.
(٥) بهامش الأصل: «هذا قول أبى علىّ يردّ به على المبرّد، رحمهما الله»، وانظر الإيضاح ص ٢٧٧، وكتاب الشعر ص ٥٦، وما سبق فى المجلس الرابع والأربعين.
(٦) سورة البقرة ٢٨.
(٧) سورة الشعراء ١١١.