للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للفرق بين الإشارة إلى الحاضر والغائب، وهذا قول ظاهر الفساد، وهو من دعاوى الكوفيّين، فمن فساده أنّ «ذا» معرفة بما فيه من الإشارة، فلا حاجة به إلى التعريف بالألف واللام، ثم قوله: «حطّوا ألفه إلى الياء، للفرق بين الإشارة إلى الحاضر والغائب» فاسد أيضا؛ لأنّنا لسنا نجد فى «الذى» إشارة إلى غائب، كما نجد فى «ذلك» وفى «تلك وذانك وأولئك» إشارة إلى غائب، وأقوى وجوه فساده أنه إذا كان أصل «الذى» ذا، بزعمه، فما وجه هذه/اللام المدغمة فيها لام التعريف؟ فقد وضح لك بما ذكرته أن أصل الذى والتى: لذ ولت، كما قال البصريّون.

وأمّا اللّغات فيها، فأوّلها الّذى، وهى اللغة العليا. والثانية: الّذ، بحذف الياء وإبقاء الكسرة، قال الشاعر:

والّذ لو شاء لكانت برّا ... أو جبلا أصمّ مشمخرّا (١)

والثالثة: اللّذّ، بإسكان الذال، قال (٢):

فظلت فى شرّ من اللّذّ كيدا ... كاللّذ تزبّى زبية فاصطيدا

الزّبية: حفيرة يستتر فيها الرجل للصيّد.

والرابعة: الّذىّ، بتشديد الياء، قال:


(١) الأزهية ص ٣٠٢، والإنصاف ص ٦٧٦، وشرح الكافية الشافية ص ٢٥٤، وشرح الجمل ١/ ١٧٠، والهمع ١/ ٨٢، والخزانة ٥/ ٥٠٥. ويروى البيت الأول: والّذ لو شاء لكنت صخرا والمشمخرّ: العالى البالغ الارتفاع. وقيل: الراسخ.
(٢) هو رجل من هذيل، لم يسمّ. شرح أشعار الهذليين ص ٦٥١، والكامل ص ٢٧، والإنصاف ص ٦٧٥، وشرح الكافية الشافية ص ٢٥٥، وشرح الجمل ١/ ١٧١، والخزانة ٦/ ٣،١١/ ٤٢١، وانظر حواشى المحققين، والموضع السابق من الأزهية.